في الأسبوع الفارط كان للجامعة الإسلاميِّة يدٌ طولى في محاكمة أمَّة العربيِّة، بعد أنْ انصرف أهلُها عنها، بفعل عوامل ومعطيات لا تغيب عن العقلاءِ، من خلال مؤتمرها الدولي (اللغة العربيّة.. ومواكبة العصر). محاكمة كبرى انْبرى في إقامة الدَّعوى ضدّ (بلاد العُرب) نخبة من العلماء والباحثين والمتخصصين، بفضل ما يقدِّمه مدير جامعتها معالي الدكتور محمّد العقلا، حتّى جعل منها منارة تعتلي فيها القضايا الإسلاميّة والفكريّة، ناهيك عن القضايا الاجتماعيّة، فكلّ يومٍ جديد على الجامعة الإسلاميّة هو يوم جديد في حساب العلم والمعرفة!! هل أنا أبالغ؟! إنَّ الواقع يشهد بذلك، وإقامة الدّليل ليس بمعجز؛ فلقد صمَتَت الجامعة الإسلاميّة سنين عديدة عن أي حِراك يتطلّب منها! ومرَّ الوطنُ -فضلاً عن الأمّة العربيّة والإسلاميّة- بحزمٍ كبيرة من القضايا الملحّة؛ ولكنَّها استكانت إلى الدّعة، وأَبَتْ إلاّ الانزواء والخفوت، ثمّ تولّى قائدها الجديد «العقلا» دفّة الفعل المعرفي، فأحدث فيها حِراكًا علميًّا وإداريًّا ما عجز عنه الكثير من حمَلة المناصب والشَّارات!! فإذا كان المؤتمر خرج بمجموعة من التّوصيات النّاجعة حفاظًا على هذه اللّغة من مكونات الصّدمة المعرفيّة والعلميّة، ففي بلادنا -بحسب تعبير الدكتور الفاضل محمّد الهرفي- قضايا لا بدّ من الاهتمام بها؛ لكي نعيد للغتنا قوتها، ونجعل أبناءنا يرتبطون بها، ومن ثمّ ينتمون لبلدهم -قولاً وعملاّ- وكثير من هذه القضايا تحدَّث عنها مجموعة من المهتمين في هذا البلد. ومنها: تعريب التّعليم الجامعي، وعدم السّماح باستخدام غير العربيّة في الدّوائر والشّركات والمحلات التّجاريّة، والفنادق، وسواها، لاسيما أنّ نظام الدّولة يفرض ذلك. كما أنّ الاهتمام بتأهيل أساتذة اللغة في المدارس أمر يساعد كثيرًا في هذا الاتّجاه، وكذلك التّفكير في إيجاد أساليب جاذبة للطّلاب لفهم اللغة واحترامها، وجعلها مصدر اعتزاز وفخر.. وأخيرًا.. لا زالت الذاكرة تحفظ لنا ما قاله به الأمير خالد الفيصل، حينما أبدى ملاحظته خلال رعايته لملتقى (المثاقفة الإبداعيّة) الذي نظمه نادي مكة الثقافي الأدبي 2010م، حيث قال خلال افتتاحه الملتقى: «ملاحظة لاحظتها وأنا أدخل هذه القاعة للمرة الثّانية في هذه الأيام وهو اسم القاعة، نحن قبلة المسلمين، نحن في أقدس بقعة للإنسان المسلم، نحن في مهبط الوحي، نحن في المكان الذي نزلت فيه أول آية في القرآن الكريم، وهي (اقرأ)، وهي بحروف عربيّة، نحن في مهد ميلاد آخر الرّسل، وهو آخر الأنبياء، وهو عربي.. كيف نقبل لأماكننا ومؤسساتنا ومبانينا وشوارعنا أن تتوهّج بكلمات وبحروف وبأسماء أعجمية؟ ولهذا فإنّني أطلب ليس تغيير اسم هذه القاعة فقط؛ وإنّما في جميع مدن هذه المنطقة المكرمة، ومن الآن أطالب المحافظين ورؤساء المناطق والأمناء ورؤساء البلديات البدء بتغيير اللوحات في شوارع المنطقة بأجمعها، وسوف أعطي مهلة ستة أشهر، وبعدها سأحاسب جميع المسؤولين سواء أكانوا في الإمارة، وفي المحافظات والمراكز، وفي الأمانات، وفي البلديات، أو في فروع وزارة التجارة».