لم تعد رئاسة الدول مطمحًا لدى كل بالغ عاقل وهو يشاهد المصير الذي آل إليه بعض من أولئك الذين تربعوا على كراسيها، وذاقوا حلاوتها، عزًا، ومجدًا، علاوة على الثراء. فلا أحد بالتأكيد يريد أن يكون ك(صدام حسين)، الذي آثر العيش في آخر مشواره الطويل كرئيس هارب داخل (حفرة) تحت الأرض، كانت هي صالونه، ومطبخه، ومرحاضه، بعد العيش الرغد في أفخم القصور، ضاق من رائحته سجانه لمكوثه أشهرًا دون اغتسال، ورضخ لمحاكمة العصر يومها ذليلًا محتقرًا أمام قاضيه بعد كل ذلك الجبروت الذي يتصف به، وفي النهاية التف حبل المشنقة حول رقبته!.. ولا أحد بالتأكيد يريد أن يلقى المصير الذي آل إليه (القذافي) الذي قاده كبرياؤه إلى تنصيب نفسه (إمبراطورًا لإفريقيا)، والذي توهم بأنّ شخصيته أكبر من أن يكون رئيسًا ل(جمهورية) صغرى، فأطلق على بلاده إسم (الجماهيرية الشعبية الديمقراطية العظمى)!، فكانت نهاية حياته -الحافلة بالتناقضات السياسية و»الأنا» المفرطة- داخل فتحات مواسير شبكات المجاري، بعد أن وجد هاربًا نصف عاري. ولم يكن حال الرئيس المصري المخلوع (مبارك) بأفضل، وهو يُقاد إلى «قفص الاتهام» بالمحكمة، ممدّدًا على سرير المرض بعد عِشرة مع المنصب تجاوزت الثلاثون عامًا، فمنظر كل أولئك، وما لاقوه من مصير يقتل كل الطموحات لدى الطامعين في التربع على كراسي الرئاسة، أوالذين يحاربون ويدفعون سعيًا وراء بريق المناصب. تبدلت شعوب الثورات العربية، وقست قلوبها، وأصبحت هي الآمر والناهي في الشارع العربي، وهي من تحدد من الذي يحكمها، فمن الميادين تصدر (فرمانات) الرحيل أو البقاء، وتقطع أذرع الفساد، وتساهم في كتابة الدساتير عبر اللوحات التي تتضمن مطالب الثوار، كل ذلك يتم ليس بقوة السلاح، بل بقوة (الصوت)، وفعالية (المليونيات). في أوكرانيا تحل زعيمة المعارضة ورئيسة الوزراء الأوكرانية السابقة «يوليا فيمو شنكو» ضيفة على أحد السجون في بلادها، حيث تقضي عقوبة السجن مدة 7 أعوام بتهمة إساءتها استخدام السلطة، يرافقها وزير داخليتها «يوري ليونيسكي» الذي يقضي هو الآخر محكومية لمدة 4 أعوام بتهمة الاختلاس وسوء استخدام السلطة، لكن مع كل تلك الشواهد، تظل السلطة مطمعًا لدى الكثير، يسعون إليها بكل الوسائل، مشروعة كانت أم غير مشروعة، وأعود لأقول، لماذا الصراع على مناصب تكون خاتمتها القتل أو دخول السجون؟!.