تشتهر المناطق الساحلية بالاكلات الشعبية التي تقدم في أسواقها الأسبوعية، حيث تخصص أماكن في كل سوق شعبي لتقديم الوجبات الغذائية الشعبية المعروفة بتلك المناطق، والتي تتكون غالبا من السمك الطازج والخمير والدقيق والعصيد بأنواعه، حيث يقوم مرتادو الاسواق بشراء السمك والخضراوات والطماطم والبقول بأنواعها، ويذهبون بها الى «المعيشات» وهن النساء اللاتي يقمن بصنع هذه الاكلات الشعبية في الاسواق بطريقة خاصة، من خلال عشش ومحلات مصنوعة من القش، وأخرى مبنية من الخشب والحصير وسعف النخل، ويوجد داخل هذه المباني التراثية ما يسمى ب»الميفا»، الذي يطلق عليه البعض «التنور»، وهو ما يتم اشعال النار بداخله بواسطة الحطب حتى يصبح مليئا باللهب والجمر ومن ثمّ يوضع بداخله السمك والخمير المصنوع من حب الدخن أو حبّ الذرة، ويقدم للزبائن على سفرة تضم السمك والخمير أو الدقيق وهو ما يسمى «البر»، وكذلك البقول بأنواعها مع الحلبة وزيت السمسم، ويقدم الطلب ب»النفر»، وبالنسبة للخبز أو ما يسمى باللهجة المحلية «العيش»، حيث تقوم «المعيشة» بطحن حب الذرة أو الدخن بواسطة المطحنة اليدوية والبعض الآن يستخدم الطاحونة الاتوماتيكية المنتشرة في الاسواق، وأفضل أنواع الاسماك التي يفضلها الزبائن هو سمك الناجل والهامور في المرتبة الاولى ثم أسماك الشعور والبياض والحلل وفرخ الناجل، وتتراوح الأسعار بين 30- 60 ريالا للكيلو الواحد، وأغلى أنواع الأسماك الناجل والهامور وهو ما يعشقه العديد من الزبائن ويتم شق الاسماك من قبل الصيادين ومن ثم توضع بداخله البهارات المختلفة كالملح والفلفل الاسود والفلفل الأخضر، حيث تعطي للطعام نكهة خاصة. يقول عبدالله عسيري إنه اعتاد على تناول الأكلات الشعبية التي تتميز بها المناطق الساحلية وخاصة السمك الطازج الذي نفتقده في مناطقنا الجبلية، حيث يقوم بزيارة الأسواق الشعبية الاسبوعية الساحلية في كل من القوز وثلاثاء يبة وعمق، والاستراحات التي تنتشر على الطريق الساحلي، ويحرص على تناول وجبته المفضلة التي تشتهر بها هذه الاسواق والاستراحات الشعبية. ويشير علي عريشي إلى أن التوقف في الاستراحات أصبح ضرورة ملحّة لتناول وجبة رئيسية من الأكلات الشعبية التي اشتهرت بها المنطقة، وللاستراحة من عناء السفر وخاصة للعوائل، حيث تتوفر في هذه الاستراحات أماكن مخصصة للعوائل، والتي تقدم الوجبات اللذيذة من السمك الطازج. ويشير محمد أبو عبدالرحمن إلى أن هذه المنطقة تمتاز بالهدوء والأجواء المعتدلة وأكلاتها واستراحاتها الشعبية، لذلك أتوجه اليها دائما في الاجازات والعطل الرسمية بصحبة العائلة، ويشدني منظر تلك العشش والتنانير والموافي التي تستخدم لتجهيز الوجبات. ويرى فهد سليمان أن أسماك المنطقة نادرة الوجود وخاصة أنها تقدم طازجة يوميا من البحر الأحمر، وحيث أن الاستراحات والأسواق الشعبية توفر هذه الأسماك بكل أنواعها وخاصة أسماك الهامور والشعور. ويؤكد محمد أبو جميلة أن للموروث الشعبي مكانته وخاصة في الاكلات الشعبية التي لم تتأثر بظهور الاكلات الحديثة، ومازالت تحافظ على رونقها وجمالها ولذتها، وتنافس بقوة الأكلات الحديثة، وخاصة في الاجازات والعطل الرسمية.