في مواجهة قصور بعض الخدمات التي تمس معيشة المواطنين والمقيمين، يُفرط بعض المسؤولين في الدفاع عن ضعف أدائه، عن طريق جمع أكبر عدد من الإحصاءات والأرقام عن منجزات مؤسسته، وسردها على المنتقدين من الأفراد ووسائل الإعلام، بشكل يُصبح معه ترداد الأرقام أمرًا غير مستساغ لدى كثير من المواطنين، الذين يصعب عليهم فهمها بشكل واضح، ولا تمثّل لهم معنىً حقيقيا على أرض واقعهم، في الوقت الذي يعانون فيه من انخفاض أداء بعض المنشآت، فبعضهم يُصاب بارتباك ذهني، وحيرة فكرية، نتيجة انفصال بعض تلك الأرقام المُدويّة، والإحصاءات المُبهرة، عن ما يشاهدونه من واقع حال خدمات لا تسرُّهم. لا أُشكّكُ أبدا في صحّة تلك الأرقام والإحصاءات، لكن ما يهمّ المواطن في آخر المطاف، وبعد طول انتظار، كيفيّة الأداء، ونوعية الخدمات، وآلية التنفيذ بشكل مُيسّر يحفظ ماء الوجه ويجنّبه الاستجداء، إضافة إلى شعوره بمطابقة الحماس الإعلامي لبعض المسؤولين، للواقع الاجتماعي والإداري، وأن تُترجم الأرقام إلى مشاهدات، والإحصاءات إلى واقع ملموس، وتصريحات المسؤولين، إلى منظومة أعمال متكاملة، تصل إلى مستوى التغطيات الإعلامية التي يحرص معظمهم عليها. والخلاصة: المهم حقا، هو الكيْف، وليس الكمّ فحسب، والهدف المنشود ليس الظهور الإعلامي للمسئول بشكل دوري، وكثرة المقابلات الشخصية، واللقاءات الإعلامية، والتباهي بسرد أرقام المنجزات، أو الدفع بالتبريرات والتفسيرات لأوجه القصور ومكامن الخلل فحسب، ولا كثرة الوعود والتصريحات، أو الإفراط في استخدام كلمتي "سوف" و "قريبا"، فقد ملّ كثيرون من ترداد بعض المسؤولين لها، وضجروا من خطط ضبابية، ومشروعات متأخرة، بل المطلوب من المسؤول الاعتراف بالقصور، واحترام عقول الناس، ومراعاة مشاعرهم، والاستماع إلى مشكلاتهم، والشعور بمعاناتهم، فضلا عن تطوير أنظمة الخدمات، بشكل يُرضى الله أولا، ويُلبّي طموح القيادة الكريمة ثانيا، لتحقيق مزيد من الرفاهية للمواطنين والمقيمين، والاطمئنان إلى مستقبل أفضل، وسط كثرة الشكاوى والانتقادات، والامتعاض من تردّي بعض الخدمات الحيوية، وتململ الناس من تأخرها عن مثيلاتها في المجتمعات المتقدمة، فالمسؤولية أمانة، والوضع لا يحتمل المماطلة.