أتمنى من مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات أن تستكمل لنا بقية الأرقام التي نشرتها عن التعداد العام للسكان والمساكن بشكل عاجل، على رغم ان لي ملاحظات على عدد الإناث من المقيمات الموجودين في السعودية، إذ أوردت الإحصائية أن لدينا نحو 2.5 مليون امرأة أجنبية، فالشواهد تقول إن لدينا ضعف هذا العدد من غير الرسميين أو الهاربين والمقيمين بطريقة غير رسمية. حتى المقيمين الرقم الذي ذكر في ظني انه غير مطابق للواقع، هل يمكن ان يكون عددهم ستة ملايين مقيم، فيما زاد عدد المستثمرين الاجانب لدينا وعمالة مخالفة للنظام ومتسللين وهاربين، على العموم دائماً تخضع الاحصاءات العامة لبعض الاعتبارات والجوانب الاجتماعية والأمنية، وبقدر ما أنا متشوق لمعرفة تفاصيل الإحصائية حتى نقف أكثر على تفاصيل الحياة الاجتماعية والاقتصادية في البلاد، ووفقاً للأرقام نستطيع ان نحرك أيدينا وأرجلنا. ذكرت الإحصائية أن بيننا نحو 8.5 مليون مقيم من غير السعوديين، هذا يعني أنهم يشكلون ثلث سكان البلد من إجمالي 27 مليون نسمة، وكل هؤلاء الناس يسكنون في 4.6 مليون منزل، هذه التي غير قادر على فهمها، ولم توضحها المصلحة، هل من بين هذه المنازل الإدارات الحكومية المستأجرة من مدارس ومراكز صحية ومرافق أخرى، وهل من بين هذه المنازل الفلل والشقق السكنية، ما المعايير التي استخدمتها مصلحة الإحصاءات، في إحصاءات المنازل، والخيام والأعشاش الموجودة في ضواحي المدن والقرى، هل اعتبرت مساكن؟! إذا افترضنا أن المقصود بالمساكن هي الشقق السكنية، فهي بالفعل رقم قليل جداً أمام عدد كبير، وإذا افترضنا أن أفراد الأسرة السعودية مكونة من أربعة اشخاص زوجين وطفلين «طبعاً افتراضية» فهذا يعني ان عدد المنازل التي تم احصاؤها صحيحة، إذ تنتج لدينا 4.6 مليون اسرة سعودية، ولكن يبرز لنا سؤال وهو أين يسكن إذن 8.5 مليون مقيم مادامت الشقق السكنية وزعت بين الاسر السعودية، أما اذا كان المقصود بعدد المنازل، وهي عمارات سكنية، فهنا يمكن اعتبار ان هذه العمائر تستطيع استيعاب المقيمين، ونحن يهمنا ان تشمل البيانات عدد الاسر المقيمة في البلاد وعدد الشباب والشابات وأعمارهم، كما يهمنا ان نعرف نوعية المساكن التي تم احصاؤها، وفرزها ما بين فيللات وقصور وعمائر خاصة وشقق سكنية فندقية وعمائر للإيجار، ننتظر في احصائية المصلحة عدد الموظفات من النساء، وكذلك العاطلين من الذكور، نريد ان نعرف المتقاعدين واليتامي والمكفوفين بيننا، نود ان نعرف كم اسرة تعيش في فقر مدقع، وكم اسرة لديها اكثر من قصر او فيللا، نود ان نعرف عدد الاطفال والبنات الذين تجاوزوا سن المدرسة ولم يلتحقوا بها. أتمنى من المصلحة العامة ان تخبرنا بعدد الادارات الحكومية في القرى والمناطق النائية، وعدد المدارس وحاجاتها من المستشفيات والمراكز الصحية، تخبرنا بعدد الملاعب المطلوبة لرعاية الشباب في المدن الصغيرة، نود معرفة عدد الأربطة والدور الخيرية ودار العجزة والمسنين، يهمنا ان نعرف عدد المنشآت الخاصة وعدد العاملين فيها، ونسبة «السعودة». الحقيقة أرقام مصلحة الاحصاءات العامة والمعلومات مهمة جداً لرجال الاقتصاد والابحاث والدراسات الأمنية والاجتماعية، لقياس تحرك المجتمع وحاجاته، يجب ان تعرف ان دورها مهم في نشر ثقافة الارقام والاحصاءات وأيضاً قول الحقيقة ونشرها من حين الى آخر، والا تبقى هذه الاحصاءات حبيسة الادراج لسرية المعلومات، ويجب ان تشرك الإعلام في نشر المعلومات، وتقترب منهم اكثر. واضح من الأرقام الأولية أن مشكلتنا الرئيسة تتمثل في شيئين، توفير المساكن للسعوديين ومعالجة البطالة وتوطين المهن والوظائف، ولست مطمئناً من ناحية التوطين فأعداد المستقدمين يتزايد مع عدم جدية الجهات لحل هذه المشكلة وإصرارها على التعامل وفق العرض والطلب، وبالنسبة للمساكن فهيئة الإسكان لدى يقين تام أنها جهاز حكومي وضعت في مأزق أشبه بلعبة البحث عن أول الخيط، فهي تائهة ما بين أراضٍ أشخاص يتربعون عليها ولا تستطيع ان تطالب بها من الدولة، وبين مخططات تعود لأصحاب موجودين أو يملكون صكوكاً وهناك أراضٍ في بطون الأودية ومجرى السيل، يعني أن تشرع في بناء مخططات سكنية لذوي الدخل المحدود يحتاج منها دهراً من الوقت حتى تتوصل الى أفكار للمعالجة. من المهم جداً أن تتم مناقشة الأرقام التي اصدرتها مصلحة الاحصاءات العامة مع الوزارات والإدارات الحكومية لمعالجة الخلل ومواجهة الواقع، ولا يمكن ان نكتفي بالاحصائية وتفاصيلها إذا لم نبحث عن حلول، وتتولى جهات محايدة في مواجهة الأجهزة الحكومية لتحثها على تحسين أوضاع المواطنين وتوفر لهم الإمكانات كافة وتتابع معها تنفيذ الحاجات، مؤسسة اهلية اجتماعية وليست حكومية على غرار جمعيات حقوق الإنسان، يكون دورها المطالبة من القطاع الحكومي سرعة تحقيق الإنجازات ومتابعتها والتأكد من مطابقتها وأوجه الصرف مؤسسة اهلية تُعنى بحقوق المجتمع المدني وحاجاته، بالطبع مجلس شورى والمجلس البلدي ومجلس المنطقة، هذه كلها مؤسسات حكومية لا يمكن الاعتقاد بأنها تعمل بنزاهة أو صدقية، من المهم ان يدعم توجه لإنشاء مؤسسة اجتماعية تدفع بتطلعات المواطنين وحاجاتهم وتحويل خطط التنمية وأرقام مصلحة الإحصاءات العامة الى واقع يجانب الحقيقة. * إعلامي وكاتب اقتصادي. [email protected]