كم كنتُ أتمنّى من «جمعية حماية المستهلك» أنْ تُقللَ من تصريحاتها المتضمّنة الادّعاء بحمايتها للمستهلك، عن طريق مراقبتها للتّجار، وكشفها لعمليات الغش التي تحدث، وكذا المغالاة في الأسعار، فالكلام للاستهلاك فقط، وعلى الجمعية أن تُدرك بأنّ تلك التصريحات لم تكن في يوم من الأيام مدعاة لتفاؤل أولئك المستهلكين، وكنتُ حتى وقت قريب أحسبُ أنّ هذه الجمعية مستقلة إداريًّا، ولا تعتمد في مداخيلها على أي جهة كانت، لكنني صُدمت بعد أن وجدت أنّ دعمها المالي يتم من قِبل الغرف التجارية، حيث إنّ هناك التزامًا من الغرف التجارية السعودية بدفع 10٪ من دخل رسوم التصاديق على الوثائق التجارية التي تتلقاها، يتم تحويلها لحساب جمعية حماية المستهلك، حسب ما صرح به الدكتور ناصر التويم رئيس الجمعية في حديثه للزميلة «الشرق الأوسط»، وهذه الحالة تجعلنا نعذر جمعية حماية المستهلك إذا ماغضَّت الطرف عن هفوات التجار عند مغالاتهم في زيادة الأسعار، أو عند اكتشافها لتدني المنتج، ذلك لأنّ الغرف التجارية هي المصدر الوحيد الذي يموّلها، والقائمون على تلك الغرف كما نعلم من كبار التجار، ولكم أن تستعرضوا أسماء الشركات، والوكالات التي ترتبط بأسمائهم!. هذه الجمعية التي تُعاني من عدم امتثال بعض الغرف الرئيسة الكبرى للقرار الصادر المتضمن دفع 10٪ من دخل رسوم التصاديق لها، تٌدرك تمامًا بأنّ عدم الامتثال هذا يعود بالدرجة الأولى إلى محاولة التعجيز، أو الإبطاء من سير مهامها، وإطفاء شعلة الحماس لدى منسوبيها. والأمر يقتضي أن تبحث جمعية حماية المستهلك عن ممول آخر مثل «وزارة التجارة» لكيلا تضطر إلى المراقبة على استحياء، ولتدفع عنها الحرج، وأن تُصارع من أجل الوقوف إلى جانب المستهلك الذي يتبخر دخله، ومن ثم يُمطر في جيوب التجار، كما لا بد لها من أن تُدرك بأنّ الفرق شاسع بين ذلك المستهلك الذي دفع (865) ألف دولار في (عرب آيدول)؛ ليصوّت من أجل أن تفوز «دنيا بطمة»، وذاك الآخر الذي دفع (150) ألف ريال، ليصوت من أجل أن تفوز «كارمن» وبين أولئك الذين تَكسِر ظهورهم الارتفاعات الجنونية في أسعار الأرز، والدقيق، والزيت، والسكر، والحليب، وسياط فواتير الكهرباء، فالهبات تلك التي طالت (كارمن وبطمة) تركت آثارها ك(وشم) على جيوب المستهلكين، فالدخل مهما بلغ يظل أمام أولئك الجشعين «سريع الذوبان».