يعتبر بيت الخطيب والذي سُلم لهيئة السياحة والآثار مؤخرا، من المنازل التاريخية في محافظة ينبع، وقد بُني طبقا للمؤرخ عبدالكريم الخطيب في أواخر القرن الثالث عشر الهجري، وهو مركز سكني وتجاري ضخم يتكون من ثلاثة طوابق من غير الأرضي وتتضمن الطوابق العلوية شرفة وعددا كبيرا من الرواشين تمت زخرفتها ونقشها بمهارة فنية رائعة مطلة على البحر وتحتوي على أجنحة رئيسية و40 غرفة في الطوابق العلوية الثاني والثالث والسطح وأما الطابق الأرضي فيتكون من مكاتب إدارية ومحال تجارية ووكالة تعود للسيد حسين الخطيب بالإضافة إلى مستودعات لحفظ المواد الغذائية. وللبيت ثلاثة مداخل رئيسية، المدخل الغربي وهو مدخل العائلة، ومدخل شرقي للتخزين، ومدخل جنوبي مواجه الميناء للحركة التجارية. وقد تم بناء هذا المنزل التاريخي من الحجر المنقري وُصنعت أبوابه ورواشينه من خشب الزان. الملاك يعود هذا البيت الأثري التاريخي إلى الشيخ حسين الخطيب وهو حسين بن عبدالرحيم بن مصطفى بن محمد بن سليمان بن عبدالعزيز وينتهي نسبه إلى العلامة السيد علم الدين المكنى بالخطيب. حسين عبدالرحيم الخطيب هو ابن عم مصطفى الخطيب وابن عم عالم ينبع وقاضيها عام 1229ه الحنفي مذهباً أحمد الخطيب وهو ابن عم لآل الخطيب جميعاً. وكانت لحسين عبدالرحيم الخطيب تجارة واسعة مع الداخل والخارج، كان هذا الرجل يتصف بسعة الصدر وحبه للناس وحب الناس له، لا يتوانى عن خدمة بلاده وأهلها ولاسيما الفقراء والمعوزين. وكما يحدثنا المتقدمون أنه مرت بمدينة ينبع في الماضي محنة قاسية وقحط لقلة الأمطار وتضررت بادية ينبع فما كان من هذا الرجل الذي بسط الله له الرزق في تلك الفترة إلا أن يمد يده لمساعدة المحتاجين بثلث ماله إذ وزعه كأرزاق من حبوب وتمور وأفرد مستودعات كبيرة بجوار متجره الملاصق لداره في قلب ينبع القديمة والتي مازالت باقية كأثر من آثار ذلك العصر الذي يتميز بالزخرفة الإسلامية في نوافذه بجوار دار أسرة آل بابطين الأثري الذي حرصت إدارة الآثار بوزارة المعارف أن تمتلكه كمعلم من المعالم الأثرية في ينبع. لقد أفرد تلك المستودعات الكبيرة وفتح أبوابها لشراء بعض الخردوات التي ليس في حاجة إليها بل كان القصد مساعدة المحتاجين. كان رحمه الله لا يصد أحدا إن أحضر له خشبا أو حديدا أو مسامير قديمة لبيعها بل يشتريها على الفور ويدفع الثمن مضاعفا لأنه كان يدرك رحمه الله أن الحاجة هي التي دفعت بعض الناس لحملها وبيعها وكان من صفاته رحمه الله أنه كان يسعى دائماً للتوفيق بين الناس. وقد أنجب من الأولاد شحاد الخطيب الذي كان واحداً من أعيان ينبع وتجارها المعروفين في السبعينيات الهجرية كما كانت له تجارة في ميناء السويس بجمهورية مصر العربية وحينما ركدت الحياة في مدينة ينبع بسبب الحرب العالمية الثانية انتقل بتجارته إلى المدينةالمنورة. وقد أنجب شحاد العديد من الأولاد النافعين، وهم: حسين، وعبدالله، وعميد كلية التربية في الوقت الحاضر الدكتورمحمد شحات الخطيب، ومصطفى، ونبيل. وكانت أسرة السيد محمود بن حامد الخطيب آخر أسرة تقطن هذا البيت في عام 1385ه حتى عام 1389ه وبعدها أُخلي البيت ماعدا المركز التجاري والذي شغل من جانب السيد شحات الخطيب حتى عام 1390ه قبل أن تهاجر الأسرة المدينة. اتفاقية مع هيئة الآثار كانت الهيئة العامة للسياحة قد قامت مؤخرًا بتوقيع اتفاقية تعاون مشترك ما بين الهيئة العامة للسياحة والآثار وشركة أرامكو السعودية في مجال استعادة الآثار، وعقب ذلك تم توقيع اتفاقية تعاون مماثلة مابين الهيئة وملاك بيت الخطيب. وقد حددت الهيئة العامة للسياحة والآثار موعداً لبدء العمل في ترميم "بيت الخطيب" وتحويله إلى متحف تراثي. وكذلك تأهيل المنطقة التاريخية في ينبع والتي تعمل عليها الهيئة العامة للسياحة والآثار بالتعاون مع شركائها الهيئة الملكية للجبيل وينبع وإمارة منطقة المدينةالمنورة وأمانة المنطقة والمؤسسة العامة للموانئ والغرفة التجارية الصناعية بالمحافظة. أسرة الخطيب تعود أسرة الخطيب إلى العلامة الكبير السيد علم الدين الهاشمي المكنى بالخطيب والذي عاش في ينبع خلال الفترة 775- 850 للهجرة، وتعتبر أسرة السادة الخطيب من أعرق الأسر في محافظة ينبع، وقد أنجب السيد علم الدين العديد من الأدلاء والعلماء ومن أحفاده العالم الجليل عبدالرحيم بن أحمد حجون. وكانت الأسرة تمتهن التجارة، وكان أكثر فروعها وأفرادها يمتهنون التجارة، وكانت تجارتهم تنطلق من ميناء ينبع بالحجاز. ويعتبر الشيخ مصطفى بن محمد الخطيب قائم مقام ينبع في القرن الماضي من أشهر الأسماء في هذه الأسرة، وجاء في الفرمان الذي صدر للشيخ في العهد الهاشمي عام 1337ه: "إننا حضرة صاحب الجاه والإقبال، نائب رئيس الوكلاء، أنه صدرت الأوامر الملوكية الهاشمية بتعيين الشيخ مصطفى الخطيب وكيلاً قائم مقام ينبع أصيلاً في القائمقامية بناءً على خدماته الحسنة وهمته المشهودة التي استوجبت شموله بهذا التفات الملوكي فنهنئه بذلك". وكان معظم السكان في ينبع يتكونون من أسر متميزة، من أشهرها آل الخطيب، ومن مشاهير هذه الأسرة مصطفى الخطيب قائمقام ينبع. وفي عام 1349ه أمر الملك عبدالعزيز رحمه الله بتعيين الشيخ مصطفى الخطيب عضواً في مجلس الشورى في التشكيل الثاني، وفي عام 1360ه أمر نائب الملك في الحجاز الأمير فيصل بن عبدالعزيز بتعيين الخطيب رئيساً للبلدية. ومن الأسماء الشهيرة لأسرة آل الخطيب قاضي ينبع وأحد علمائها الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الخطيب والذي تولي القضاء عام 1222ه. كذلك المؤرخ والإعلامي والإذاعي عبدالكريم بن محمود الخطيب والذي ولد عام 1355ه وكان له في الثمانينيات والتسعينيات الهجرية برنامج إذاعي شهير في تلك الفترة "الأرض الطيبة" وقد تقاعد عن العمل الحكومي والذي كان آخر منصب يشغله مديرًا لإدراة الأخبار بوكالة الأنباء السعودية.