ينظر الحاج سالم كامل المتخصص فى الدعاية على القماش ملياً إلى لافتة «الرئيس» التى تقف على رأس المارة فى شوارع القاهرة.. ثم يقول فى لهجة تجمع بين اليأس والرجاء: ظللنا ننتظر مولد الانتخابات لنخرج بالحمص الذى يعوّض خسائر العامين الماضيين.. الحمد لله انتخابات مجلس الشعب والشورى ساعدتنا فى دفع أجور العمال.. وننتظر انتخابات الرئاسة، لكن يبدو أن يافطة «الرئيس» وغيرها من الدعاية الجديدة أكبر من إمكانياتنا لكن الأمل فى الله كبير. قلق عم كامل وخالد على لافتة الرئيس تلك اللوحة الفخمة باللون الأزرق وليس فيها سوى كلمة الرئيس وترجمتها بالإنجليزية لا تسبب القلق لعم كامل فقط لكنها مصدر إزعاج للسياسيين ومرشحي الرئاسة من الكادحين.. ولذلك بادر خالد على المرشح الرئاسي المستقل المؤيد من 32 نائباً بمجلسي الشعب والشورى بتقديم إنذار على يد محضر لرئيس اللجنة العليا للانتخابات للتحقيق فى وجود هذه اللافتة باهظة التكاليف.. والشركة صاحبة اللافتة؟ وعما إذا كانت تتعلق بأحد المرشحين من عدمه .. قال خالد على فى إنذاره: من حق الموطن أن يعلم من هو هذا المرشح وما هو حجم هذه التكلفة، وما مدى تجاوزها لحدود الإنفاق المنصوص عليه فى القانون من عدمه؟ «الرئيس» لمن الأسئلة الواردة فى إنذار خالد على عن اللافتة أجابت عليها مصادر تعمل فى مجال الدعاية الانتخابية .. البعض قال: إنها لافتة تنتظر من يؤجرها ، وآخرون أكدوا أنها بانتظار المرشح أحمد شفيق الذى أقنعته إحدى شركات الدعاية الأجنبية التى تتولى الإشراف على كل تفاصيل حملته بهذه اللافتة الخالية من أي معلومات كنوع من التشويق ثم بعد فترة يطل على الناخبين من خلالها. الملايين ورغم أن الدعاية الانتخابية لم تبدأ بعد.. ورغم أن تكلفتها خلال الفترة من 30 أبريل إلى 20 مايو حددها القانون بعشرة ملايين جنيه فى المرحلة الأولى ومليونى جنيه فى مرحلة الإعادة، إلا أن ما يتردد عن حجم الانفاق حتى باب إغلاق الترشح يفوق بكثير هذه الأرقام. وتقدر بعض المصادر غير الرسمية ما أنفقه المرشح السلفى حازم صلاح أبواسماعيل ب 36 مليوناً، أما عمرو موسى فقد دفع 30 مليوناً لشركة لبنانية أوكل إليها خطة الدعاية.. أما الشركة الأجنبية التى تتولى الحملة الانتخابية للمرشح أحمد شفيق فقد تجاوز ما حصلت عليه فى الفترة الماضية 16 مليوناً، وحتى الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح فقد قالت مصادر غير رسمية بأنه رصد أكثر من عشرة ملايين جنيه لحملته. وفي شوراع القاهرة التى غرقت فى الدعاية بدأت الحياة تدب فى أسواق المواد المستخدمة في الدعاية الانتخابية من أقمشة وورق ومواد طباعة ودعاية وإعلان ، وانتعشت العتبة والموسكي والفجالة ووكالة البلح ، وإلى جانب وسائل الدعاية الحديثة تتربع المطبوعات والملصقات الانتخابية علي عرش الأساليب الدعائية وتتنوع ما بين منشورات وصور ولافتات بالشوارع للتعريف بالمرشحين لمنصب الرئيس القادم. ويراهن أصحاب شركات الدعاية والاعلان والخطاطين وتجار الأقمشة وأصحاب المطابع وصول بيزنس الدعاية المليار ونصف المليار جنيه على أقل تقدير. يقول الحاج سالم كامل: «ياريت القائمين على لجنة الانتخابات الرئاسية يزيدون الفترة المخصصة للدعاية»، مشيراً إلى أنها تعوّض الفترة التى عشنا فيها أسود أيام حياتنا ، حيث كنا ننتظر الزبائن دون عودة. وحول أسعار الدعاية ، يرى سمير شعبان صاحب أحد محلات الأقمشة أن المرشحين يفضلون أنواعًا معينة من الأقمشة الخاصة بالدعاية وهي 'سنت' ويبلغ طول التوب 40 مترًا وسعر المتر 3 جنيهات وهو يكفي لعمل 13 يافطة، طول اليافطة 3 أمتار وثاني الأنواع هو 'ازيز' طول التوب 30 مترًا وسعر المتر يتراوح ما بين 4 و6 جنيهات وهو أكثر الأنواع استخدامًا بجانب أنواع 'البفتة' و'الترجال' و'الداكرون' وذلك لانخفاض أسعارها وسهولة الكتابة عليها مما يسهل طباعة صور المرشحين بالإضافة لقدرتها علي امتصاص الأحبار والألوان المستخدمة في الكتابة، ويسهل الطباعة عليه. وأضاف: إن الفترة الحالية انتظرناها طويلاً ، حيث الركود الذى ضرب السوق ، وأصبحنا نتسوّل الزبائن ونعرض تجارتنا على أصحاب المحال الجديدة، حيث توقفت الحياة الإعلانية فى مصر خلال العام المنقضى ، وجاءت الانتخابات الرئاسية لتعيد البسمة إلى وجوهنا. ولم يختلف الأمر كثيرا عند أصحاب محلات بيع الورق، حيث قال عبدالرحمن شاهر تاجر ورق : إن المرشحين بدأوا فى شراء كميات كبيرة من الورق. أما عن الورق المستخدم في الدعاية الانتخابية فيقول إن الوضع اختلف كثيراً هذه المرة ، فبعد أن كانت صور المرشح في السابق تطبع على ورق عادي 70 أو 80 جراما أصبحت تطبع على ورق مقوي في العادة 'كوشيه دوبلكس' من فئة 175 جرامًا، كما استخدم المرشحون الألوان المختلفة بعد أن كانت الصورة تطبع لونًا واحدًا أو لونين؛ وهذا الشكل الجديد من الدعاية يطبع بتكلفة أعلى بكثير من السابق وتصل إلى 600 جنيه لكل 1000 بوستر مقاس 25 فى 30 أما إذا كان البوستر ورقًا عاديًا فصل ألوان فيتم طباعة ال 1000 ب 350 جنيهًا والأحجام الأكبر حسب الاتفاق. ويشير إلى أن معظم المرشحين لا يكتفون بذلك بل يطلبون الصورة 'البانر' ذات التكلفة المالية المرتفعة والحجم الكبير بالأمتار وليس بالسنتيمترات نظرًا لطباعتها وفق طريقة خاصة بأجهزة الكمبيوتر على مادة بلاستيكية خفيفة، وتثبت في إطارات خشبية ثم تعلق على حوامل أو يتم تعليقها على واجهات المباني المرتفعة. وعن أسعار 'البانر' يقول هشام يحيي صاحب شركة دعاية: إن تحديد الأسعار بالاتفاق وكل من يعمل في حملات المرشحين 'حريف فصال' فأسعار البانر العادي تبدأ من 25 جنيهًا للمتر وقد يصل إلى 300 جنيه للبانر الواحد. أما سوق الخطاطين فلم يغب عن المشهد أيضًا ليحصل على نصيبه من كعكة الانتخابات الرئاسية، حيث شهد انتعاشًا ملحوظاً ، وهو ما جعل كل شركات الدعاية تستعين بهم خاصة أن أنواع اليفط القماش تعد من أرخص أنواع الدعاية مما يقلل تكلفة كتابة اليفطة تتراوح ما بين 8 و 10 جنيهات للمتر كتابة يتم فيه كتابة اسم المرشح وشعاره الانتخابي وتستغرق هذه العملية ما بين 45 إلى 60 دقيقة.