تحوّل الاحتفال بالذكرى السابعة لشاعر الجزيرة العربية الراحل حسن عبدالله القرشي – الذي نظمته أسرته بالقاهرة مؤخرًا - إلى مؤتمر ثقافي شارك فيه إعلاميون وشعراء ونقاد مصريون وعرب، منهم فاروق شوشة، ومحمد عبدالعال، والكاتب مصطفى عبدالله، ورئيس تحرير مجلة الهلال عادل عبدالصمد، والإعلامي فائق فهيم، الذين تباروا في تقديم إضاءاتهم وإفاداتهم حول تجربة القرشي الشعرية، وآراء النقاد حولها، وما يجمع بين تجربة القرشي في ديوانه «الأمس الضائع»، ورواية «الحب الضائع» لطه حسين.. ففي استهلال الاحتفالية وصف الإعلامي فائق فهيم الراحل القرشي ب»شجرة وارفة الظلال، مثمرة بأكثر من نوع من الثمر، فقد تميز من الجانب الإنساني بأخلاقه الدمثة، ورقة طباعه، وكان ذلك التطوين الإنساني هو المعين الذي نهل منه وهو يعمل كسفير لبلاده، فقد كسب لبلاده مئات الأصدقاء. واستدل فهيم على عمق كتابته الشعرية بما قاله الدكتور طه حسين عنه، والذي لم يكتب عن شاعر من الجزيرة غيره، مشيرًا إلى أنه كتب الشعر بأشكاله المختلفة، العمودي، والحر، كما كتب القصة والرواية، وأسهم في مجال النقد الأدبي، والدرس اللغوي. البنات يحتفين بالآباء ومن جانبه أبرز الشاعر فاروق شوشة جهود الدكتورة ليلى القرشي ابنة الشاعر في حرصها على إضافة الجديد في الاحتفال بذكرى القرشي، الذي تحول بجهودها إلى مناسبة ثقافية وموسم للدرس الأدبي، قائلا: كلما تلفت من حولي يمينًا ويسارًا، لا أجد من يهتم بذكرى أبيه سوى البنات، وأضرب المثل بكريمة زكي مبارك في الاحتفال بذكرى زكي مبارك، والإعلامية سلوان محمود - رحمها الله - في الاحتفال بذكرى والدها الشاعر محمود حسن إسماعيل، والآن تقوم ليلى القرشي بنشر شعر والدها، وتجمعنا على ذكراه، كبارًا وصغارًا، فالحفل يضم أبناء التسعين، كما يضم أبناء العشرين مما يؤكد أن شعر القرشي لم يكن لجيل بعينه، ولا لوطن بعينه. وأشار شوشة في هذا الموقف إلى قول الشاعر أحمد شوقي «يا منقذ الموتى من الأحياء»، معقبًا بأن الكثير من الأحياء ينكرون موتاهم، ويتجاهلون ذكراهم، ويتناسون ما قدموا، منشغلين بأمور حياتهم، فكأنما ليلى ابنة الشاعر ومن سار على دربها من هؤلاء الذين ينقذون الموتى من الأحياء، الذين أرادوا أن يهملوهم، ويسلبوهم حقهم. واستحضر شوشة كلام طه حسين في الشاعر الراحل الذي وصفه بأنه ينتسب إلى شعراء مكة، وتنتمي لغته لأهل الحجاز، وقد صنع نموذجًا فريدًا في هذا، وشعره قد وصل الماضي الشعري للحجاز بالحاضر. وواصل شوشة بأن القرشي شاعر رومانسي استطاع أن ينتقل من الرومانسية في مرحلة متقدمة إلى الرمزية، وهي المرحلة التي كتب فيها ديوانه «بحيرة العطش»، وقد انطلق يعبر عن الواقع الذي نعيشه مستخدما الرمز، وهي سمة طبعت الكتابة الشعرية في كثير منها في تلك المرحلة. وفسر شوشة الارتباط بين القرشي وطه حسين، والذي كان دافعا لأن يكتب عميد الأدب العربي مقدمة ديوان «الأمس الضائع» للقرشي، فقد كتب طه حسين من قبل رواية «الحب الضائع»، واعتبر أن كل ما يضيع جرح لا ينتهي، ولفت طه حسين إلى أن القرشي ليس شاعر نجد والحجاز فقط، وإنما شاعر مصر أكثر من ذلك، وقد كتب عن مصر ونيلها، ومشاهد الحب على شواطئه بأعمق مما كتب المصريون عن نيلهم. وتحدث محمد رضوان مؤلف كتاب «القرشي شاعر بحيرة العطش» والذي تخصص في الكتابة عن شعراء الفترة ذاتها، قائلا: تعودت ألا أكتب عن أديب إلا بروح التعاطف، الذي ظهر في كتاب القرشي، فقد تفاعلت مع تهويماته الروحية، وعبرت عن القرشي الإنسان، والشاعر، ففي الكتاب من الصدق أكثر من النقد الأدبي، وفيه من الانطباعات أكثر من الكتابة النقدية الأكاديمية. ووصف المهندس عبدالله القرشي نجل الشاعر المناسبة بأنها فرصة للتواصل مع أدبه وشعره وأحبائه وأصدقائه، مثمنا جهود الدكتورة ليلى في التأكيد على الذكرى والدفع بالجديد فيها. وفي دراسة قدمها الشاعر محمد عبدالعال أحد أصدقاء ورئيس رابطة شعراء العروبة جاء أن القرشي كان دائمًا ما يفتتح اجتماعاته في الحقل الدبلوماسي بقصائد شعر، وكان شعره سجلًا إنسانيًا لقضايا أمته، فضلًا عن تناوله لقضايا إنسانية عامة، وقد كتب عن نيلسون مانديلا وكفاحه شعرًا أبرزته وسائل الإعلام وضمته دواوينه، كما أنه لم يترك قضية من قضايا التحرر الوطني في العالم العربي إلا تناولها، وأبرز تأييده لها.