التفجير المزدوج الذي هزّ العاصمة السورية دمشق أمس ليس الأول من نوعه ، فهو يكاد أن يكون نسخة طبق الأصل من التفجيرات التي وقعت في شهري ديسمبر ويناير الماضيين وراح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى، حيث حملت تلك التفجيرات مجتمعة بصمات تنظيم (القاعدة) واستهدفت في العموم مقارات أمنية بهدف واضح وهو أن نظام الرئيس الأسد يريد أن يوهم الغرب بأن المعارضة تصطبغ بالصبغة الإرهابية، وأن سوريا في طريقها لخلافة العراق كبؤرة إرهابية جديدة تهدد مصالحه إلى جانب زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، فيما أن الواقع الذي تؤكده طبيعة النظام السوري وأساليبه الملتوية في تزييف الحقائق تثبت أنه ضليع في تلك التفجيرات. كما أنه لا يمكن إغفال توقيت التفجير الأخير الذي جاء بعد ساعات من إعلان المبعوث الدولي الخاص بسوريا كوفي عنان عن خيبة أمله بعد مباحثاته في دمشق ورفض الرئيس السوري بشار الأسد لمقترحاته الست ما لم يتوقف (الإرهاب) أولاً الذي أثبت بسهولة ، من خلال حادث التفجير أنه ما زال مستمرًا. لا يعني ذلك أنه صك براءة للقاعدة من تورطها في هذه العمليات التي يراد بها إغراق سوريا في مستنقع الفوضى والفتنة، لكنه إضاءة لحقيقة تحالف النظام السوري مع هذا التنظيم الإرهابي من خلال غض الطرف عن تسرب عناصره عبر الحدود العراقية - السورية وتسهيل السبل أمامهم لتنفيذ هذا النوع من الجرائم، وهو ما دأب النظام السوري على فعله خلال الأزمة العراقية لكن بشكل معاكس عندما كان يفتح حدوده مع العراق ليمر منها الإرهابيون لممارسة عملياتهم القذرة هناك. لاشك أن بيئة الاضطرابات التي تحياها سوريا منذ أكثر من عام توفر الأجواء المواتية التي تلائم (القاعدة) لتعيد لعب دورها السابق في العراق، إلى جانب أن مصلحة النظام السوري في تشويه صورة المعارضة ونعتها بالإرهاب تعتبر بمثابة محاولة يائسة أخيرة للإبقاء على شرعيته التي فقدها فعليًا بعد أن حصده أرواح وسفكه دماء الآلاف من أبناء شعبه، وبعد حملات القصف والتدمير والاعتقال والتعذيب والحصار والتجويع التي مارسها على مدى عام كامل وما زال يمارسها حتى الآن في حق شعبه الذي لا يطالب بأكثر من حققه في الحياة الحرة والعيش الكريم.