حينما يعيش الفرد منا ضائعا بدون هدف أو وجهة في حياته, تسيطر عليه الهواجس والمخاوف من المجهول , فلا حد لخوفه أو فرحه, يعيش على هامش الحياة يتكلم إذا تكلم الآخرون ويصمت حين يعم الصمت على من حوله , لا يعرف حداً لإنفعالاته أو سكناته. عندها تبدأ علامات الهرم تأخذ معالمها منه, ويصبح الميت الذي يتنفس, لا يعرف نهاية الطريق ويستغرق في اجترار الماضي فيعيش على نبض الذكريات. كل هذا وذاك انما هو نتاج اللاهدفية في الحياة, فمن لا يعيش من أجل اهدافه عاش ينتظر الموت قبل حينه, ومن تعود أكل اللقمة من يد غيره بقي مكسور الذراعين حتى يستيقظ من غفلته. فما اجمل ان يحمل الفرد منا غايةً يعيشها ويعيش من أجلها, يعيش القلق المنتج للحياة و الابتكار يرسم المستقبل ويلونه بلمساته الواعية وكفاحه المتواصل. عندها فقط يبدأ أول نفس للحياة الحقيقية ويبدأ أول خطواته إلى تحقيق انسانيته, فالأهداف هي سر النجاح الحياتي, وبها ينتقل الانسان من مرحلة إلى أخرى. فالكل يتنفس كي تستمر عجلة حياته , وقد ضاع من عاش كي يتنفس.. والكل يسعى لما يُسر له , وقد فشل من أضاع طريقه وركن للأرض محبطا|.. فما اجمل الفشل الآني حينما يتحول إلى طاقة تدفعنا للامام من خلال اكتساب الخبرات والمهارات , وما اقبح أن نقف أمام أول مطب ونخلد إلى سبات اليأس. إذ لا مكان للضائعين , و لا مكان للمستضعفين ,لا مكان للنائمين على كوكب الكد والعمل. فهنا السباق والمضمار غدا.. و يجدر بنا كمسلمين أن نحمل رسالة محمدية في حياتنا العملية والاجتماعية , فنكون ممن يكمل المسيرة المحمدية بتفعيل هديه في كل حركاتنا وسكناتنا .. فالاسلام هو الذي ألهم العامل قيمته الحقيقية ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون). والاسلام هو الذي صور لنا حقيقة هذه الحياة (انك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه) فلا مكان للكسول والجبان في قاموس المسلمين. فمن أراد تحقيق غايات أسلافه الصالحين عليه أن يجد المسير على طريقهم, ومن رغب في السعادة فلا يبحث عنها في أرض الأحياء الأموات.. وليرفع بصره نحو العلى ويتقدم.. فالمجتمع الذي لا يتقدم بأفراده هو مجتمع بدون حياة, والمجتمع الذي لا يمارس النقد الإيجابي مجتمع يدور في دائرة مغلقة, فتقدمه مرتبط بثقافة أبنائه ومدى رفضهم للتخلف المعيشي والفكري واحتوائهم بالمحاوره والتصبر على حراس التخلف بأنواعه من أقرانهم. إننا مطالبون كمسلمين أن لا نستسلم أو نغفل لحظة عن التقدم المعرفي والحياتي .. لنعيش الحب في عمق الحياة والعقل في عمق العنفوان الذي يسهل علينا المسير بين المخاطر والأشواك.. حيدر حبيب حكري- ينبع