قال إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط في خطبة الجمعة أمس:»إن تيسير العسير وتذليل الصعب وتسهيل الأمور أمل تهفو إليه النفوس وتطمح إلى بلوغ الغاية فيه ، ولذا فإن من الناس من إذا أصابه العسر في بعض أمره رأى أن شرّا عظيمًا نزل بساحته وأن الأبواب قد أوصدت دونه والسبل سدّت أمامه فتضيق عليه نفسه وتضيق عليه الأرض بما رحبت ويضطرب من أحواله ما كان سديدًا ثابتًا مستقرًا وربما انتهى به الأمر إلى ما لا يحلّ له ولا يليق به من القول والعمل . وأما المتقون الذين هم أسعد الناس وأعقلهم فإنّ لهم في هذا المقام شأنا آخر وموقفا مغايرا بما جاءهم من البينات والهدى من ربهم وبما أرشدهم إلى الجادة فيه نبيهم صلوات الله وسلامه عليه أنهم يذكرون أن ربهم قد وعدهم وعد الصدق الذي لا يُخلف ، وبشّرهم أن العسر يعقبه يُسر،وأن الكرب يخلفه فرج ، قال سبحانه ( فان مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ) وهو موعود مقترن بشرط الإتيان بأسباب عمادها وأساسها وفي الطليعة منها التقوى ، ولا عجب أن تكون التقوى من أظهر ما يبتغي به العبد الوسيلة إلى تيسير كل شؤونه وتذليل كل عقبة تعترض سبيله أو تحول بينه وبين بلوغ آماله. وأكد فضيلته أن ذلك يعدّ بشارة عظيمة لمن أصابه العسر ونزل به الضر وأحاط به البلاء واشتد عليه الكرب من أهل الإسلام قاطبة ومن أهل الشام خاصة الذين سيمو سوء العذاب بغيًا وعدوًا وظلمًا استكبارًا في الأرض، ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ؛ فليبشروا باقتراب النصر وتنفيس الكرب وتفريج الشدة وكشف الغمة ورفع البلاء والعافية من البأساء والضراء. ** وفي المدينةالمنورة أكد فضيلة إمام المسجد النبوي الشيخ صلاح البدير في خطبة الجمعة أمس أنه ، في أوضح صور المكاشفة والمجاهرة ، فإن قضايا الأمة بين المؤامرة والمتاجرة ، وأهل السمسرة الذين لا يصغون إلى مآسي أهل الإسلام إلا بمسمع أصمّ ، والذين يروّجون أسلحة القتل والدمار ويتلاعبون بمصير الشعوب ، لا شيء يعنيهم سوى المصالح والمطامع والعقود والصفقات ، أما مشاهد القتل والتمثيل والتشويه والتعذيب ورائحة الدم التي تخرج من أروقة الموت فلا تحرك منهم المشاعر ، ولا تؤرق منهم الضمائر ، وصرخات الأبرياء وصيحات النساء وشلالات الدماء وقطع الأشلاء لا ترقى عندهم لخسارة عقد أو صفقة أو غنيمة أو استثمار!!. وزاد إمام وخطيب المسجد النبوي : «يشعل فتيل الحروب في بلاد متى كانت مصالح تلك الدول تقتضي إشعالها ، وتفرض خيارات التقسيم عليها متى كانت مصلحة تلك الدول تقتضي تقسيمها ، وتطلق أيدي زعماء ورؤساء يسوسون شعوبهم بالسيف والحيف والظلم والجور والتجويع والترويع والإرهاب والإرعاب والنار والحصار والبطش والقتل ، ما دام ذلك الزعيم يضمن لتلك الدول مصالحها ، ويقتل الآف البشر من شعوب العالم ويذهبون ضحايا صراع طغاة جبابرة على السلطة والحكم والثروة والمال ، والحروب في العالم تزداد ، والصراعات تتضاعف ، والسلم يتضاءل ، لأن قيم العدل والحق والإنصاف لم تكن يوما حاكمة في قضايا عالم اليوم ، والعالم لم يفشل يوما في حل قضاياه ولم يعجز إلا لأن من يقودها لا يريد لتلك القضايا أن تنقضي ، ولا لتلك الحروب أن تنتهي. وناشد الشيخ البدير القادة والساسة وأنصار العدل ومحبي السلام في العالم أن يأخذوا بعالمنا من مستنقعات الحروب والصراعات والبؤس والفقر والجهل والدمار والخراب إلى ساحة السلم والأمن والعدل والرحمة والإنصاف ، وأن يرحموا الشعوب من ويلات الحروب ؛ وإلا فلا بد أن يأتي يوم يصطلي فيه بالنار من أشعلها ، وبالحروب من أوقدها ، ويقع في الألغام من زرعها ، ولا يحيق المكر إلا بمن مكر ، ولا يقع في حفرته إلا من حفر ، سنّة ماضية وحقيقة قاضية ، قال تعالى ((وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ )) صدق الله العظيم .