لم تسطر هذه المقالة للنيل من حمزة كشغري الذي صادق على توبته يوم الثلاثاء الماضي أمام المحكمة الجزائية في الرياض من تطاوله على الله و رسوله ، بعد أن اعترف بذنبه و أقر بخطأ نهجه و صرح بالتالي ( أقر وأعترف أن كل ما وقعت فيه من انحراف في الأفكار وفي الأقوال ، أو فساد في التعبيرات هو من قبيل الشبهات و الشكوك التي أثرت علي وعلى عقلي فاتبعتها عن ضعف فأبعدتني عن الصراط المستقيم ...... و أنا أعلن توبتي و انسلاخي من كل الأفكار الضالة التي تأثرت بها فأنتجت بعض العبارات التي أتبرأ منها وأعوذ من أن ألقى الله عليها ) أسأل الله أن يقبل توبته و أن يثبته و جميع شباب المسلمين على الهدى و اليقين كي ينجوا يوم الدين و ليكونوا قرة أعين لوالديهم و مجتمعهم و أمتهم أنه ولي ذلك و القادر عليه. لكن سطرت هذه المقالة بقلب أب مفجوع صحا من غفلته على هول الفاجعة التي لم يكن يدر بخلده أنها ستحل بداره ، ما الذي وصل بفتى من عائلة كريمة محافظة من أبناء الحرمين الشريفين ولد و تربى و ترعرع في مجتمع مؤمن بالله و رسوله إلى ما وصل إليه حمزة الكشغري ، و هل هو حالة منفردة نكتفي إزاءها بأن نحمد الله أن عاد الفتى لصوابه ونسأله تعالى أن لا تتكرر ، أم أنه قمة جبل الجليد الذي يخفي تحت الماء أضعاف أضعاف ما هو ظاهر للعيان ؟ ، و إن كانت الأخرى فمن يقف وراء ما يمكن أن نسميه ظاهرة إغواء أبناء المسلمين عن الصراط المستقيم ، و ما الواجب حيال من يقفون وراءها ، و ما دور الدولة و المجتمع في التصدي لها. الذين هز كيانهم الحدث أخذوا يتلفتون حولهم في المجتمع المحيط بحمزة كشغري يمنة و يسرة علهم يصيبون مصدر الخلل ، فحسب شهادة والدته التي استمعت إليها في مداخلة لها مع أحد برامج الفضائيات فإن عائلته عائلة قرآنية كريمة لا يمكن أن تنبت هذا النوع من الفساد العقائدي ، و تبين لمن تحروا منهم أن حمزة كان يرتاد في السنوات الأخيرة عدداً من المقاهي أو الديوانيات الفكرية في جدة تروج للفكر المنحرف و يدعو البعض منها صراحة إلى التشكيك في ذات الإله و النبوة و ثوابت الدين و تنتشر في البعض الاخر حسب ما هو منشور على الشبكة الإلكترونية الأفكار الصوفية و الإختلاط و بيع الكتب الممنوعة من قبل وزارة الإعلام. و نقلاً عن بعض ما جاء في تحقيق الصحفي سعيد البكري الذي نشر تحقيقاً في صحيفة المدينة الغراء بعنوان ( حقائق جديدة حول من يقف خلف حمزة كشغري ) فإن الأمر يرقى إلى مستوى مؤامرة على عقيدة هذا المجتمع المسلم فكان مما جاء فيه على لسان بعض التغريدات ( ما إن ظهرت قضية كشغري حتى ظن الكثيرون إنه نتاج فكر شخصي وقراءات فردية ... ولكن الحقائق تظهر أنه من مخرجات خلايا نائمة ، هذه الخلايا تجمعت في جدة بشكل مستمر وأصبحت تتجمع في مقاهي أو ديوانيات خاصة ... واتخذت أشكالا عديدة لنشر أفكارها ). و الخطب يعد لذلك جللا ، و نلتمس نحن المواطنين من ولاة الأمر في المملكة و على رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله ، و ولي عهده الأمين سمو الأمير نايف بن عبد العزيز حفظه الله المعروفان بغيرتهما على العقيدة و بذودهما عن حياض الدين ، أن يوجها حماية لأبناء الوطن بالتحقق في وجود خلايا «نائمة» تنشر التشكيك في الدين ، و تدرب أبناءنا على التمرد على ربهم و نبيهم و كتابهم ، و تقديم المفسدين للقضاء الشرعي يحكم فيهم القضاة بحكم رب العالمين. و كلمة أهمسها في أذن حمزة كشغري فإن من تمام توبتك لله ، و من اعتذارك العملي لنبيك محمد صلى الله عليه و سلم ، ثم من حق والديك و أخوتك و أبناء مجتمعك عليك أن تسخر نفسك عندما يفك الله حبسك للكشف عن تلك الخلايا المضللة حتى يظهر للناس جميعاً أشخاصهم و سوء أفعالهم ، و لكي لا يتمكنوا من تضليل أقرانك من الشباب. و لتعلم أن الله تعالى يقول ( إلا الذين تابوا و أصلحوا و بينوا فأولئك أتوب عليهم و أنا التواب الرحيم). غفر الله لك.