كالمعتاد.. تهديدات خارجية تقود إلى احتشاد داخلي، هكذا يقول المشهد في الانتخابات الإيرانية، حيث يحصد أنصار المرشد الأعلى للثورة علي خامنئي 75% من مقاعد البرلمان الإيراني، في تظاهرة دعم لسياساته، بينما يهدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو من واشنطن، بأن قرار ضرب إيران «سيادي» أي أن إسرائيل لن تنتظر الإذن من أحد بما في ذلك واشنطن، إذا ما قررت ضرب المنشآت النووية الإيرانية. استفاد خامنئي وأنصار تياره من تهديدات نتانياهو، فيما استفاد رئيس الحكومة الإسرائيلية التي يهيمن عليها اليمين المتشدد، من فوز تيار التشدد الإيراني، خامنئي استثمر التهديدات مرتين، الأولى؛ بزيادة عوائد بلاده من مبيعات النفط الذي ترتفع أسعاره بشدة كلما أطل شبح الحرب على منطقة الخليج، والثانية؛ في إقناع الناخب الإيراني بأن التهديدات الإسرائيلية لإيران تقتضي التفافًا حول التيار اليميني المتشدد في طهران باعتبار أنه لا يفل يمين إسرائيل سوى يمين إيران! واستفاد نتانياهو من نتائج الانتخابات الإيرانية لإقناع «ايباك» والإدارة الأمريكية، بأن طبيعة العقلية السياسية التي تواجهها إسرائيل، تقتضي تبني سياسة أكثر صرامة وقوة ضد إيران، فيما يهدد الإيرانيون بإزالة إسرائيل عن الخارطة. نجح نتانياهو .. ونجح خامنئي أيضًا، لكن المنطقة باتت على أعتاب مواجهة «صفرية» بين قوتين إقليميتين، تسعى كل منهما لتقويض قوة الأخرى، الأمر الذي قد يقود الإقليم برمته إلى مخاطر الحرب وتداعياتها. وفيما يبدو فإن الرئيس الأمريكي أوباما الذي لا يملك في عام الانتخابات ترف تحدي رغبات إسرائيل، قد اضطر إلى تبني لغة تصعيدية ضد طهران، أكد من خلالها أن بلاده لن تسمح لإيران بامتلاك خيار نووي على الإطلاق، لكنه واصل إعطاء فرصة للضغوط الدبلوماسية، والاقتصادية لإقناع طهران بالتراجع عن خططها، وهو ما بدأ أمس بإعلان إيران عن موافقتها على تفتيش موقع بارشين العسكري، الذي تشكك الوكالة الدولية للطاقة الذرية في كونه يشهد اختبارات نووية ذات طبيعة عسكرية. تراجع طهران قد يكون عملا حكيما، لكنه في نفس الوقت قد يكون حيلة أخرى لشراء المزيد من الوقت لصالح البرنامج النووي المثير للجدل. وفي كل الأحوال ومهما كانت مآلات المشهد الراهن، فإن أحدًا لن ينسى مشهدًا يتحالف فيه نتانياهو وخامنئي، كل منهما لصالح تحقيق غاية مغايرة.