عندما سئل «الخوارزمي» عالم الرياضيات -ذات يوم- عن قيمة الإنسان أجاب: «إن كان صاحب (خلق) فهو يساوي (1)، وإن كان ذا (جمال) فأضف إلى الواحد صفراً ليصبح (10)، وإذا كان ذا (مال) فأضف صفراً آخر ليصبح (100)، فإذا ذهب العدد (1) وهو الأخلاق، ذهبت قيمة الإنسان وبقيت الأصفار التي لا قيمة لها. ولو عايش «الخوارزمي» عصرنا هذا لنزع شعره ومزّق ثيابه وحلق لحيته، بل وقد يُغيّر معادلته الرياضية في ظل زيادة الأصفار تلو الأصفار التي يستولي عليها الفاسدون في هذا المجتمع، فقد أصبح البعض يزيد في تلك الأصفار الواحد تلو الآخر أولاً، ثم يضيف الواحد إليها ليصبح في المجتمع بين ليلة وضحاها من أصحاب الخلق الرفيع، بعد أن استولى على ما طالت يداه وامتدت إليه مُقْلتاه. التصريحات الأخيرة التي أدلى بها رئيس هيئة مكافحة الفساد حول تفعيل النظام الرقابي «من أين لك هذا؟» تمثل خطوة نحو الاتجاه الصحيح وهي بذلك لو استطاعت تطبيقه، سوف تسجل إنجازاً تاريخياً يحسب لها كهيئة وطنية ولدت عملاقة. «من أين لك هذا؟».. يعد قانوناً رقابياً ليس بجديد، فهو مُطبَّق بمعظم دول العالم وهو يمثل منهجية «النزاهة»، ويحد من الفساد الذي ينخر في عظام المجتمع.. ولقد ضرب «همبرتوكاستللو برانكو» مثالاً للنزاهة حينما بعث برسالة إلى رئيس مجلس الشيوخ البرازيلي كان نصها: «لما كانت حفلة تنصيبي رئيساً للجمهورية غداً، فإنني أتشرف بأن أرسل لفخامتكم هذا البيان عن ممتلكاتي في هذا العالم»، وأورد البيان: مسكناً في «ريو دي جانيرو» ثمنه «50 ألف» دولار، وأوراقاً مالية بقيمة «20 ألف» دولار، وسيارة من طراز «أيرو ويلز» عمرها ثمانية أعوام، وختم بيانه بأنه يملك أيضاً قبراً دفع ثمنه مقدماً وموقعه في أحد مقابر «ريو». همسة: تفعيل وتنظيم قانون «من أين لك هذا؟» هو مسمار يدق في نعش الطبقة الفاسدة وينزع أنيابها الغائرة في جسد مجتمعنا وسوف يحمي المال العام من النهب والسلب الذي يمارسه أصحاب الضمائر الملوثة.. وللحديث بقية.