ما بين حماة بالأمس وحمص اليوم ثلاثون عامًا من القهر والبطش والقتل والسحل. مرت ثلاثون عامًا على المجزرة الكبرى التي تولّى وزرها رفعت الأسد، بتوجيه من رئيسه وشقيقه حافظ الأسد. نسيت الشعوب العربية ونسينا كلنا تلك المآسي العظمى، وما نسي السوريون أبدًا، ولن ينسوا أبدًا. وحتى قبيل الانتفاضة الشعبية المباركة العام الماضي، وبعض العرب سمن وعسل مع النظام الجائر الأقرب إلى الأنظمة الفاشية في قمة عنفوانها وبطشها. ظلم مروّع سجلته أيد أمينة كي لا يضيع في زحمة التاريخ، هي مشاهد لم يكن من السهل تسجيلها بالصورة الفوتوغرافية أو التلفزيونية، لكنها سُجلت في الذاكرة البشرية التي عانت منها طويلًا، وهي تؤرقها لشدة ما فيها من بطش وعدوان وجبروت. اقرأوا هذا المشهد الذي نشرته الحياة (3 فبراير) الذي يصف مدى تعطش هذا النظام النصيري المنحرف لدماء أهل السنة: (طلب الجنود من الأهالي التوجه نحو سيارات الخبز في طرف الشارع، فأسرع عدد كبير من الأطفال، وكانوا بالعشرات، حملوا الخبز وقفلوا عائدين. اعترضهم الجنود، وطلبوا إليهم الدخول إلى الجامع الجديد. وهناك فتحوا عليهم النار وسقطت الأجساد الطرية وسالت دماء الأطفال على الخبز الذي كان لا يزال في الأيدي الصغيرة). هذا مجرد نموذج بسيط لما حدث في فبراير عام 1982م في حماة فقط. وهو نموذج يتكرر اليوم بكل وحشية وصلف، ودون خوف ولا حياء. واتخذ النظام اليوم من روسيا والصين أولياء يقفون بدعمهما في وجه العالم الذي لو شاء لألقى باعتراض روسيا والصين في المزبلة كما فعل في العراق حين اعترض العالم على الغزو دون جدوى. يحسب النظام أن هذا الخط الأحمر المزعوم سيحول دون سقوطه، وما درى أن أقدار الله جارية لا محالة، بل إن روسيا نفسها وكذلك الصين ليستا في مأمن من تحرر الأقاليم المسلمة المظلومة التي تئن من جورها وطغيانها. إنه بيت العنكبوت الذي اتخذه النظام البعثي الفاشي، والذي لن يحول دونه ودون الإرادة الإلهية التي ستكتب النصر إن شاء الله للصابرين المرابطين في الأرض المباركة الطيبة.