يقدم الفنان التشكيلي أيمن يسري ديدبان في معرضه المميز «أنا أي شيء وأنا كل شيء» الذي تحتضنه هذه الأيام صالة أثر الفنية بجدة، ويستمر حتى 16 فبراير.. تجربة مختلفة عمّا هو سائد من أنماط الفنون، حيث يعمد إلى استخدام «العَلَم» كوظيفة شكلية من خلال طي الصفائح المعدنية الملساء واللامعة وإعادة تشكيلها بطريقة إبداعية لصنع أعمال فنية قائمة بذاتها تظهر للمشاهد انعكاسًا جديدًا ومتغيرًا. وبارتفاع مترين وعرض متر واحد، قام ديدبان بطي هذه الأعلام وطيها وتشكيلها ليصنع منها هياكل فنية جديدة. ويظهر العنصر الثاني من عناصر هذا المعرض الفردي السابع ليسري من توسيعه لفكرة الثقافة الاستهلاكية من خلال النماذج المتكررة للعلم، حيث يقوم بطي المواد المهملة كصفحات المجلات والعلب الورقية وتهذيبها لصنع أعلام تعبر عن مفهوم الفنان للهوية والانتماء. ومن خلال وضعها على أوراق من نوعية أوراق المتحف، تهذب هذه الأعمال الصغيرة في «أنا أي شيء وأنا كل شيء» الأشياء في الحياة اليومية وتحولها إلى أعمال فنية تسلط الضوء على التناقضات الموجودة في المجتمع الحديث الذي تحدده رغبات المستهلك. وهذا المعرض يشكل جزءًا من معرض «يجب أن نتحاور» الأول لفناني حافة الجزيرة العربية داخل المملكة، وسينتقب له يسري بعد محطة جدة إلى دبي، وسيشهد عام 2012 إطلاق الفنان لكتابه الجديد عن أعماله فضلًا عن مشاركته في عدد من المعارض والفعاليات الإقليمية والدولية. وخص أيمن «الأربعاء» بالحديث عن تجربته في هذا المعرض والرسالة التي آثر تضمينها من خلال ما قدمه فيه، حيث يقول: هذا المعرض يطرح نوعًا من الأسئلة الخاصة جدًا، وهي تهم كل إنسان يتساءل عن هويته في ظل عصر التكنولوجيا التي غيرت العلاقات الإنسانية ما بين الناس، فحتى علاقتنا مع المنتج أصبحت مختلفة. فأنا أحاول من خلال إطلاق أسئلة تنتج حوارًا بين المتلقي مع ذاته ومع أفكاره عن العالم الذي يعيش فيه الآن والبحث عن وجوده حاليًا. وأقدم الأسئلة بدون إجابات وأترك المشاهد أمام الحيرة؛ فهناك أعمال تركيبية تعبر عن حالتي الشخصية، في أني عالق بين هويات مختلفة، وأواصل الأسئلة من خلال جذوري من خلال الأعمال المعدنية حيث أقدم هذه الصفائح بشكل حر وليس له معنى وإطلاقها من أجل بث إشارات للمتلقي. ويضيف يسري: في لوحات المجموعة الصغيرة بعثت مجموعة من النشاطات الإنسانية التي تصادفنا في حياتنا اليومية وكيف تطورت ونشأت مؤسسات جديدة في العولمة ونشأت عادات جديدة في حياتنا وكونت هذه الهوية، وأصبحت جزءًا من حياتنا اليومية ومن خلال الفن أبين ذلك للمتلقي. تقبل المتلقي وحول تقبل المتلقين لمعرضه يقول أيمن: هذا المعرض يصعب على البعض فهمه، ولكن عندما يطلعون على فكرته فإنهم سوف يتفهمون العمل والفكرة منه، وقد سعدت بالاقتناء الرائع للأعمال، وهذا يدل على أن العمل وصل إلى شريحة كبيرة من المجتمع. وأكرر أن المعرض صعب جدًا ومغامرة وتجربة جديدة وامتداد لتجاربي السابقة، وسوف أؤكد هذه المفاهيم من خلال معرض آخر سوف يقام في دبي بعد شهرين من الآن. فطبيعة المعرض مربك في البعد عن الرسم المباشر والاعتماد على الأشياء الموجودة، وسوف يكون الجزء الثاني في دبي لنفس الفكرة وسيكون المعرض متزامنًا مع أرت دبي من خلال صالة كوادرو والذي سيستمر لمدة أسبوعين بإذن الله. تقليد للغرب ورفض يسري أن يكون ما يقدمه تقليدا أو محاكاة للغرب حيث قال: فكرة تقليد الغرب لم تعد طرحًا مبررًا، فالفن متطور ومتغير ولا أرى أن هناك تقليدًا لأي فنان عالمي، فما قدمته من بنات أفكاري، وهي رموز تعبر عن شخصيتي ولا تمثل أي شخصية أخرى. اتهام بالجنون وعن مقولة الفنون جنون وهل انطبقت على الفنان يسري يقول: لا أعتقد أن ما أقدمه نوع من الجنون، فمن لديه خلفية ثقافية ومعرفية وعلى إطلاع بالفنون الحديثة سوف يفهم العمل ويقدره وليس به أي نوع من الجنون. ريادة «أثر» وحول الدور الذي يقوم به جاليري أثر في دعم الفن التشكيلي يقول يسري: كفنانين تشكيليين نحتاج للتفرغ من أجل الإبداع وليس لتسويق الأعمال والبحث عن صالات العرض وهذا الدور قامت به قاعة أثر على أكمل وجه؛ حيث أصبح هم الفنان هو الإبداع دون التفكير في عملية العرض والتسويق، وأصبحت قاعة أثر نموذجًا للصالة المميزة التي تخدم الفنان وتنشر أعماله ليس على المستوى المحلي فقط بل على المستوى العربي والعالمي.