السائل (عائض عبد الله)، أودّ أن أسألكم حفظكم الله عن الفرق بين الواحد والأحد ؟ الفتوى 32 : هذا السؤال حاضرٌ في قلوب الذين أوتوا العلمَ، واردٌ على ألسنتهم، ومنهم من يختلج عليه الفرقُ لاختلاف كلام العلماء في الفرق بينهما، ومن تأمّل اللّفظين في سياقهما في النّصوص وصرّف فيهما الأمثال اهتدى إلى الفرق بينهما ولو من بعض الوجوه، وقد ذكر علماء التفسير واللّغة وجوهًا في التفريق بينهما، وسأحرّر لك الفرقَ بإيجاز انطلاقًا من الوجوه الحسنة التي نظرت إليها مع زيادة وجوهٍ أخرى، وأحد هذه الوجوه: أنّ الأحد يشمل الواحد لأنه أعمّ منه، فيطلق على الواحد والواحدة والاثنين والجمع بنوعيهما، كقوله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} [التوبة: 6]، وتقول: ما رأيتُ أحدًا منهنّ، ولا يكون الواحد إلاّ للفرد المذكر. الثاني: الواحد له مؤنث من لفظه، كقوله تعالى: { وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ } [النساء: 11]، والأحد لا مؤنث له من لفظه إلاّ مع التركيب. الثالث: الواحد يطلق على من يعقل ومن لا يعقل، فهو أعمّ من هذا الوجه، والأحد لا يكون إلا فيمن يعقل، فلا يقال: لا أملك أحدًا من الكتب. الرابع: الواحد يجوز أن يكون معه ثانٍ، فيقال: ليس عندي واحدٌ بل اثنان، ولا يجوز: ليس عندي أحد بل اثنان. الخامس: الواحد لا جمع له من لفظه، وجمعه آحاد، والأحد لا يجمع أصلا، وسئل المبرّد عن (الآحاد) أهو جمع لأحد؟ قال: معاذ الله، إنه ليس للأحد جمعٌ. السادس: الأحد وصفٌ خاصّ بالله تعالى. السابع: الواحد يدخل في الحساب والعدد والقسمة، والأحد ليس كذلك، ولذلك كان الواحد أول العدد، وقيل: يجوز أن يقال: أحد، اثنان ... الثامن: وهو من الفروق اللّفظية أن (أحد) يختصّ بتركيبه في (أحد عشر)، ولا يقال: واحد عشر. التاسع: زعم بعضهم أن الأحد لا يستعمل إلا في النفي، وهو مردودٌ بالآية المذكورة في الوجه الأول. العاشر: أن (الأحد) يستعمل اسمًا بمعنى إنسان في خصوص النفي، كالآية المتقدمة. الحادي عشر: الأصل في (أحد) وَحَد، و(أحد) فرعٌ، قاله ابن فارس. هذا ما أمكن جمعه من الوجوه الفارقة بينهما من حيث العموم، وأمّا من حيث معناهما اسمين من أسماء الله، فمن العلماء من لا يرى الفرق بينهما، والصحيح التفريق، وأقرب ما قيل في ذلك: أنّه إذا قيل: الله أحد، فمعناه: المنفرد بالإلهية، وإذا قيل: الله واحدٌ، فمعناه: الذي لا ثاني له. ولي نظمٌ بَطيط، لبعض الوجوه المذكورة في أوراق مفرقة شماطيط، عسر عليّ وِجدانها إلاّ بتبْطيط.