يستعمل لفظ (واحد) لأول العدد، ويوصف به كاسم الفاعل، قال تعالى {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ} [البقرة-61]، ومؤنثه (فاعلة)، قال تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} [البقرة-213]، واستعملوا منه (أحد) بإبدال واوه همزة، قال تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص-1]، ومؤنثه (إحدى)، قال تعالى: {إِنَّهَا لإِحْدَى الْكُبَرِ} [المدثر-35]. وأما (أحد) فإنِ استعمل مفردًا غير مضاف دلّ على العموم: إفرادًا وجمعًا، تذكيرًا وتأنيثًا، فمن استعماله للمؤنث قوله تعالى {يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء} [الأحزاب-32]، وهو بحالة إفراده يلزم النفي أوشبهه، قال سيبويه «ولا يجوز ل(أحد) أن تضعه في موضع واجب، لو قلت (كان أحد من آل فلان) لم يجز؛ لأنه إنما وقع في كلامهم نفيًا عامًّا»، قال تعالى {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ} [ البقرة-102]. وأما (إحدى) فلا تستعمل مفردة بل تضم إلى غيرها بإضافة أو عطف (إحداهنّ/ إحدى وعشرون)، قال السمين «واعلَمْ أنَّ (إحدى) لا تُسْتعمل إلا مضافةً إلى غيرِها، فيقال: إحدى الإِحَدِ وإحداهما، ولا يقال: جاءَتْني إحدى، ولا رأيت إحدى، وهذا بخلافِ مذكَّره»(الدر المصون،1: 655). وجمع إحدى (إحَد) مثل كسرة وكِسَر. يضاف (أحَد) إلى ما مفرده مذكر، قال تعالى {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا} [المائدة-27]، وقال تعالى {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ} [البقرة-266]، وتضاف (إحدى) إلى ما مفرده مؤنث، قال تعالى {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ} [الأنفال-7]، وقال تعالى {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الأُمَمِ} [فاطر-42]. ويقعان خبرًا لمبتدأ فيسوغ حينئذ مطابقتهما المبتدأ أو المضاف إليه، فمن مطابقة (أحد) للمبتدأ قول ابن الأثير «والكاتب هو أحد دعامتي الدولة»(المثل السائر،2: 392)، ومن مطابقته المضاف إليه قول ابن جنّي»وذلك أن هذه الهاء إنما هي أحد لواحق الوقف»(سر صناعة الإعراب، 2: 492). ومن مطابقة (إحدى) المبتدأ قوله في معجم التاج «ومُغِيثَةُ...وهي إِحدى مناهِلِ الطَّرِيقِ»، ومن مطابقتها المضاف إليه المثل «هُوَ إحْدَى الأثَافي»(مجمع الأمثال للميداني، 2: 394)، و»هُوَ إحْدَى الآيات»(السابق، 2: 409)، و في معجم (الصحاح) «وذُكر لرُؤبة رجل فقال: (كان إحدى بنات مساجد اللّه)، كأنه جعلَهُ حَصاة من حَصَى المَسْجد»، وفي معجم التاج عن الخمر «وذلك عِنْد تَغَيُّر رِيحها الذي هو إِحْدَى عَلاَمَاتِ الإِدْرَاكِ». وقد تضاف (إحدى) إلى جمع غير العاقل، وإن كان مفرده مذكرًا، كقول معاوية: بَلِ العَفْوَ عنْهُ بعدَمَا خابَ قدحُهُ وزَلّتْ به إحْدَى الجُدودِ العَواثِرِ ومثله قول البحتري (1) وإن أمكن تأويل الذنوب بالخطايا فيكون مؤنثًا تأويلا: وكانَ اجتنابيكَ إحدى الذّنوبِ فقَصْديكَ أوْلى بغُفْرَانِهَا ومن ذلك قول الأخرس: يسطو على الأرزاء سطوة ضيغم إحدى براثنه السنان الأزرق وأما قول عليّ بن أبي طالب «انكسرت إحدى زنديّ» فلأنَّ الزند وإن كان مذكرًا هو بعض اليد، فأنث لذلك، كأنه أراد زندي يديّ، وهكذا ورد الأثر في بعض تخريجاته (زندي يديه)، ولذلك لا ضرورة لقول المطرزي «الصَّوَابُ كُسِرَ أَحَدُ لأَنَّهُ مُذَكَّرٌ» (المغرب في ترتيب المعرب، 2: 472). (1) ديوانه 2308