في يوم الأحد 8 يناير 2012 انعقدت الندوة العالمية للمحافظة على الشعاب المرجانية في البحر الأحمر، والتي افتتحها صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز نائب وزير الدفاع رئيس مجلس إدارة مؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة في المحيطات، ونظمتها المؤسسة في جدة على مدى ثلاثة أيام. وقد سعدت بحضور الافتتاح المميز والعملي بدعوة من الزميل العزيز الدكتور علي بن محمد العيدروس عميد كلية علوم البحار بجامعة الملك عبدالعزيز. وكما كان الافتتاح مميزًا ومفيدًا وهادفًا وليس خطابيًا، فإن فعاليات الندوة أيضا كانت على هذا المستوى من الأهمية والثراء العلمي، حيث شهدت الندوة حضورا ومشاركة رفيعة من أكاديميين وخبراء سعوديين وعالميين بما يعكس حيوية الموضوع الرئيسي الذي انعقدت من أجله وما تم من نقاشات وأوراق عمل علمية حول الحياة البحرية وبيئتها وكنوزها التي لم تستغل بعد ولا تزال مخزونا استراتيجيا للبشرية من الغذاء والثروات المعدنية على عكس اليابسة التي استنزف الإنسان سطح اليابسة وثروات باطنها منذ عصر الثورة الصناعية الأولى وبعضها شارف على النفاذ. من هنا تبدو أهمية العلوم والدراسات والاكتشافات العلمية البحرية.. لذلك تولي المملكة اهتماما غير عادي بشأن العلوم البحرية لما تتمتع به بلادنا من سواحل طويلة تتجاوز 2400 كم، حيث تحتل المرتبة الأولى في المنطقة في طول السواحل على البحر الأحمر والثانية على الخليج العربي، لذا تمثل كلية علوم البحار بجامعة الملك عبدالعزيز أهمية خاصة لتستشرف برؤية علمية مستقبل الاستفادة من الحياة البحرية الغنية بالغذاء والمعادن ومسؤولية المحافظة على بيئتها وكنوز الشعاب المرجانية، خاصة أن سواحل المملكة غنية بها وبالجزر البحرية، وفي هذا يطول الحديث لكني أود تسليط الضوء على كلية علوم البحار ورسالتها وأهدافها في هذا الشأن الحيوي الاستراتيجي. فلقد كان إنشاء الكلية عام 1401ه بعد أن كانت قسما ثم معهدا وتتجلى أهداف الكلية في: إعداد الكوادر البشرية المؤهلة علميًا في مجالات علوم البحار المختلفة، وإجراء البحوث الأساسية التطبيقية في مجال علوم البحار حول الظواهر البحرية المختلفة وتأثيراتها، ودراسة الثروات البحرية لغرض الاستخدام، والمساهمة في حملات تنظيف الشواطئ والشعاب المرجانية وتنظيم برامج للمحافظة على البيئة البحرية وحمايتها، وغير ذلك. هذه الأهداف ومن خلال كلية علوم البحار وأساتذتها وأبحاثها، تعكس حرص جامعة الملك عبدالعزيز على أن تلبي احتياجات التنمية الاقتصادية والبيئية لمجتمعها برؤية علمية ومنها علوم البحار، وتقدم عقولا وطنية متخصصة تأخذ على عاتقها هذه الجوانب من التنمية.. وتحرص إدارة الجامعة وعلى رأسها معالي مديرها الأستاذ الدكتور أسامة بن صادق طيب على دعم مقدر لهذه الكلية وتعزيز إمكاناتها وأقسامها حتى تتمكن بنجاح من أداء رسالتها في خدمة التنمية والمجتمع والبيئة مثل الجامعات المعروفة في الدول الساحلية التي تعتمد بشكل كبير على الدراسات العلمية المتخصصة. كما تحرص الكلية ومن خلال برامج جادة على التعاون مع المؤسسات العلمية البحثية في الداخل والخارج والتنسيق وتقديم الخبرة العلمية للعديد من القطاعات الحكومية والخاصة ذات الصلة في المملكة بشأن الحياة البحرية وسلامة الشواطئ وقضايا المياه الجوفية، وقد أسهم أساتذة كلية علوم البحار في ذلك إسهامًا بارزًا، وتجلى مؤخرا في مشاركتهم في الندوة الأخيرة، كما يتجلى الاهتمام بعلوم البحار في تبني الجامعة لكرسي الأمير خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة البحرية وهذا يعكس تقدير سموه الكريم لدور جامعة الملك عبدالعزيز من خلال كلية علوم البحار في خدمة هذه الأهداف الكبيرة، وكذلك إطلاق الجمعية السعودية للعلوم البحرية والتي تبناها سموه مشكورا وهي خطوات تستحق أن نفخر بها. إن كلية علوم البحار ورغم أهميتها العلمية عانت فترة من غياب الاهتمام الإعلامي بشأن دورها الأكاديمي والبحثي والعلمي ذي الارتباط الشديد بالواقع والقضايا البيئية المتعلقة بالحياة البحرية، وها هي اليوم وبدعم كبير من إدارة الجامعة تستعيد صورتها وأهميتها إن كان في فهم المجتمع لرسالتها العلمية والأكاديمية أو في دورها المهم تجاه البيئة والحياة البحرية من مختلف الجوانب العلمية.. وهنا أسجل تقديري لعميدها الدكتور علي العيدروس وأعضاء هيئة التدريس على هذا التميز الذي بلغته الكلية أكاديميًا وعلميًا. والحديث موصول عن الجمعية والكرسي العلمي بإذن الله.