السجن عامين وغرامة 300 ألف لمن يهدد أو يبتز المشمول بالحماية    قمة الثالثة تحدد مسار الصدارة    مرحلتان تجهزان النصر    الشباب يرفض حجازي    المرأة السعودية ممثِّلة للوطن دبلوماسياً    "الملك سعود" تحذِّر من حسابات تسجيل وهمية    تمديد فترة التقديم لتحدي صناعة الأفلام    المملكة تحتفي بالإبل في معرض عالمي بجنيف    وزير الطاقة: مَن لم يشترِ بأرامكو سيندم    منتج تمويلي جديد للوحدات السكنية تحت الإنشاء    بَدْء تسجيل 4.7 ألف قطعة عقارية ب6 أحياء بالمدينة    النور زعيماً لأثقال الرجال والاتحاد لفئة السيدات    عاد منقذ الأزمة    الأميركيّون بين جموح اليسار وتطرّف اليمين!    اتصالات مصرية لتجاوز عقبات وقف إطلاق النار.. فلسطين تطالب باجتماع مندوبي الجامعة العربية    ضبط مقيم يروج «الشبو» المخدر    "المحكمة الافتراضية" تنجز 110 آلاف طلب تنفيذ    القمر يقترن بالمريخ.. فجر اليوم    السودان: مواجهات في «الفاشر» وأنباء متضاربة بشأن السيطرة على «سنجة»    حزب ماكرون في المركز الثالث.. انتخابات فرنسا تدفع باليمين المتطرف للصدارة    الإبداعات المعرفية والثقافية السعودية.. دلالات معرض كوريا للكتاب    السيارات الشبابية في «صيف المذنب»    ندوة حول دور المرأة في العمل الدبلوماسي    "مسام" ينتزع 755 لغماً في اليمن خلال أسبوع    25 ألف طن مخلفات بالظهران    اللاعبون السعوديون جاهزون للمشاركة في كأس العالم للرياضات الإلكترونية    موسم جدة ينعش الحركة السياحية    الاقتصادية… "غرفة مكة المكرمة": تستضيف "معسكر رؤية الرقمي 4"    أمير القصيم يعزي رجل الأعمال إبراهيم الزويد في وفاة ابنه    إطلاق أضخم برنامج صيفي لرعاية الطلبة الموهوبين    مستشفى عسير المركزي يُقيم فعالية "اليوم العالمي للتصلب اللويحي"    المملكة تختتم مشاركتها في معرض سيئول الدولي للكتاب 2024    ب 6 جوائز سعودية.. اختتام فعاليات الدورة ال 24 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون في تونس    الشؤون الإسلامية في جازان تقوم بأكثر من ٢٠ الف جولة رقابية على الجوامع والمساجد    نائب السفير السعودي في تايلند يستقبل ضيوف خادم الحرمين المستضافين للحج عقب أدائهم المناسك    افتتاح الحركة المرورية في المرحلة 3 لطريق العقيق - بلجرشي    خادم الحرمين وولي العهد يهنئان رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية بذكرى استقلال بلاده    تمديد مبادرة إلغاء الغرامات والإعفاء من العقوبات المالية للمكلفين حتى نهاية 2024م    نائب أمير الشرقية يستقبل مساعد وكيل الحرس الوطني للجهاز العسكري بمناسبة تكليفه    مركز الأمير سلطان بالأحساء ينقذ مريض من احتشاء في عضلة القلب    هذه هي الأغلال    رحلة عبر الزمن في عالم "تخيّل مونيه"    أجواء "صيفية" ساخنة على المنطقة الشرقية    «الإحصاء»: انخفاض بطالة السعوديين إلى 7.6% في الربع الأول من 2024    إجراء طبي ناجح ينهي معاناة طفلة من مثانة عصبية بمدينة الملك سلمان بالمدينة    المجلس الصحي يوصي ب 3 أنشطة بدنية للبالغين    المنتخب السعودي يتأهل للدور نصف النهائي لبطولة الديار العربية    أيها الستيني.. هذا الصمام يهدد حياتك ! انتبه    القيادة تعزي ملك المغرب في وفاة والدته    الرئيس المصري يلتقي رئيسة المفوضية الأوروبية    عودة صغير المها إلى "لينة التاريخية"    المملكة تستثمر الطبيعة    خادم الحرمين الشريفين يأمر بترقية وتعيين 154 قاضياً    المملكة تدين توسيع الاستيطان في الضفة الغربية    القيادة تعزي حاكم الشارقة وتهنئ رئيس جيبوتي    قف عند الشبهات    منظومة متكاملة بأعلى معايير الجودة.. جاهزية عالية لموسم العمرة    أمير عسير يُعلن إطلاق موسم الصيف 2024 بشعار "صيّف في عسير.. تراها تهول"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



.. ويعتبر أن الإحصاءات العلمية لا تكذب ولا تتجمل فهي كما تزودنا بالمؤشرات تدق أجراس الإنذار
نشر في الحياة يوم 09 - 01 - 2012

دعا نائب وزير الدفاع الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز علماء مؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة في المحيطات والهيئات السعودية المناط بها شؤون البيئة البحرية إلى أخذ زمام المبادرة لتصبح الرائدة في تقليل الأخطار المحدقة بالبيئة البحرية. وقال الأمير خالد بن سلطان بعدما دشن أمس في جدة الجمعية السعودية لعلوم البحار وكرسي الأمير خالد بن سلطان للمحافظة على البيئة البحرية الساحلية بجامعة الملك عبدالعزيز إن واجب الإنسان أن يحافظ على بيئته.
وتنشر «الحياة» في ما يأتي نص كلمة الأمير خالد بن سلطان:
نص الكلمة
استهل خطابي بتوجيه التهنئة إليكم ببداية عامَيْن جديدَيْن: هجري وميلادي، راجياً أن يسود الأمن والأمان العالم: دولاً وشعوباً. كما أرحب بالحضور، علماء وباحثين، مفكرين ومبدعين، يُثْرُونَ البحث العلمي، ويشاركون في تحديد وتشخيص الأخطار المحدقة ببيئتنا، البرية أو الفضائية أو البحرية، ومن ثمّ بالإنسانية جمعاء، ويسهمون في علاجها باقتراح الوسائل والآليات، التي تحدّ منها، وتضمن حياة أفضل لنا ولأبنائنا وأحفادنا من بعدنا.
كما أقدّم الشكر لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية على استضافتها الندوة العالمية للمحافظة على الشعاب المرجانية في البحر الأحمر. إنّ مكانة الجامعة ودورها لا ينكره أحد؛ فهي جامعة دولية للأبحاث؛ ومنارة علمية تكرس جهودها لانطلاق عصر جديد في الإنجاز العلمي، في مملكتنا، ليعود نفعاً على المنطقة والعالم أجمع، وهي تحقيق لرؤية سيدي خادم الحرمَيْن الشريفَيْن الثاقبة في أن العلم والتقنية وحرية البحث واستغلال الموارد والطاقات هي من أهم عناصر بناء الدولة الحديثة. وهنا استعيد مقولة مؤسس دولتنا الحديثة، الملك عبدالعزيز آل سعود: إنَّ أمةً بلا تعليمٍ، هِيَ أمةٌ في خطرٍ.
لن أحدثكم عن علوم البحار وتلوث بيئتها وفسادها، اللذَيْن استشريا، فعمّتا البحار والمحيطات بلا اسثناء، بل أوجز حديثي في عناصر ثلاثة: افتتاح هذه الندوة وفاعلياتها، والاحتفال بإطلاق جمعية علمية وليدة هي "الجمعية السعودية لعلوم البحار"، والإعلان عن تدشين كرسيٍّ علميٍّ في مجال المحافظة على البيئة البحرية الساحلية.
أولاً: لن أكرر ما ذَكَرَهُ المدير العام التنفيذي، الكابتن فيليب رينو، من إنجازات المؤسسة خلال عقد من الزمان؛ ولكني سأركز في أهمها، من وجهة نظري، وهو إنجاز المسح البحري لما يزيد عن نصف مليون هكتار في مستوى العالم (أي خمسة مليار متر مربع)، والذي من طريقه يتمكن العلماء والمهتمون بالشؤون البحرية من معرفة كنوز تلك المناطق واكتشاف شعاب مرجانية جديدة، وتتبع أثر معالجة البيئة البحرية على استرداد تلك الشعاب لعافيتها. وما يدل على حرص العاملين في مؤسستنا، هذه الدراسات المكثفة، التي أجريت على المنطقة السعودية من البحر الأحمر، بالتعاون مع مختلف الهيئات السعودية الجادة، فكان ثمرتها أول أطلس بحري عن المملكة العربية السعودية. إنجاز مميز يستحق الإشادة به؛ فضلاً عن أن القطع البحرية للمؤسسة وعلماءها تجوب البحار بهدف المسح الشامل للشعاب المرجانية، وهو أكبر مسح يحدث في التاريخ، وسيكون له نتائج إيجابية تنتفع منها الإنسانية جمعاء. وما يزيد من اعتزازي بتلك الإنجازات، أن المؤسسة لم تغفل التعليم والتدريب وتبنت عدداً من حملة البكالوريوس وتعهدتهم بالرعاية العلمية والبحثية، فصار منهم الآن علماء مرموقون، من دول عدّة، منهم من هم بيننا الآن، لإثراء فعاليات الندوة بأبحاثهم القَيِّمة. تحقيقاً لشعار مؤسستنا: "علم بلا حدود"؛ فالعلم لا وطن له؛ فهو هبة من الله حبانا به، تنهل منه البشرية، وننتفع به في كلِّ زمان ومكان.
أمّا ما تناوله كبير علماء مؤسسة خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة في المحيطات، الأستاذ الدكتور فيصل عبدالكريم، فقد أشعرنا في البداية بالخوف والقلق الشديدَيْن من أننا نعيش فعلاً في خطرٍ مُحدق بنا، أرضاً وجواً وبحراً، ولكنه والحمد لله عاد وبث فينا الإطمئنان إلى مستقبلنا ومستقبل الأجيال القادمة؛ ولكن بشرط بذل جهود مضنية في المستويات كافة. وهنا أدعو المؤسسة والهيئات السعودية المناطة بشؤون البيئة البحرية إلى أخذ زمام المبادأة، لتصبح الرائدة في تقليل تلك الأخطار، وبعث الأمل في النفوس.
كما تعلمون، أن الشفرة الوراثية لعدد من الأحياء المائية أمكن حلّها الآن. وهو، ما لا شكّ فيه، اكتشاف يُعين العلماء على معرفة دقائق تلك المخلوقات، وكيف تقي نفسها من الجراثيم الفتّاكة، وهذا يساعد على تنميتها معملياً، ثم إعادتها إلى الطبيعة. كما أمكن التعرف على الطفرات الوراثية، التي جعلت بعض الشعاب المرجانية أكثر عرضة للأمراض؛ لذا أدعوكم إلى الاهتمام بمعرفة هذه الأمراض وسُبل علاجها، خاصة أن التقدم الكبير في أجهزة الاستشعار عن بعد لم يَعُد وقفاً على قياس الحجم والتركيب الخارجي بل تعداه إلى معرفة المكونات الداخلية للشعبة الواحدة، ما يُصنف كأحدث الطرق لقياس صحة الشعاب. وهذا ما تتبناه المؤسسة وتعمل على الاستفادة منه، وسنسمع من علمائها ، على مدى اليومَيْن القادمَيْن، ما تحقق في هذا المجال.
إن الإحصاءات العلمية لا تكذب ولا تتجمل، فهي كما تزودنا بالمؤشرات تدق أجراس الإنذار. ومن ذلك، ما أعلنه الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة أن العالم فقد حتى الآن نحو خُمس شعابه المرجانية، وأن التغير المناخي، ليس العامل الوحيد وراء موت هذه الشعاب؛ إذ يشكل التلوث والصيد المفرط للأسماك، في بعض الدول، مصدرَيْن لموت تلك الشعاب. ويحذر العلماء من أن تدميرها قد يهدد حياة نحو خمسمائة مليون شخص يعتمدون عليها في حياتهم. وأن ما تبقَّى منها قد يختفي بحلول العام ألفيْن وخمسين، إذا استمرت عوامل تدميرها، وذلك من أهم التحديات، التي تواجه مؤسستنا.
خطرٌ آخر لا يقلّ عن الأخطار السابقة، يُهَدِّد كوكب الأرض، وهو انتشار ما يُعرف علمياً ب "المناطق الميتة"، التي ينعدم فيها الأكسوجين في المحيطات، والتي تُعَدّ مقبرة للأسماك والنباتات البحرية. فبعض هذه المناطق بالغة الصغر لا تتجاوز مساحتها كيلو مترٍ مربعٍ واحدٍ، بينما أخرى تغطي أكثر من سبعين ألف كيلو مترٍ مربع. ويُعزَى السبب في انتشارها إلى التلوث، خاصة الإفراط في استخدام النتروجين في الأسمدة. وطبقاً للمعلومات التي قدمت لوزراء بيئة وخبراء من مائة دولة، شاركوا في مؤتمر دولي عن البيئة، واستناداً إلى برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة، فإن عدد المناطق الميتة تضاعف منذ التسعينيات، ليصل إلى حوالي مائة وخمسين منطقة. ويمثل هذا تحدياً آخر أمام الجمعيات والمؤسسات البحرية.
ثانياً: ولمواجهة هذه التحديات، يسعدني أن نحتفل معاً، بعرس علمي مجتمعي تطوعي جديد، وهو ولادة جمعية علمية بحرية، تُضِيفُ ولا تُنْقِصُ، تُشَجِّعُ ولا تُحْبِطُ، تُشَارِكُ ولا تَتَقَاعَس، تبذل الجهد في سبيل ارتقاء مجتمعها، في وقت نحن في أمس الحاجة إليها؛ وقت استشرى فيه فساد عالم البحار وتلوث بيئته. وما يزيد الجمعية مكانة علمية ميلادُهَا في أحضان جامعة الملك عبدالعزيز؛ منارة علمية، تخرج فيه قادة ومسؤولون وعلماء، في جميع المجالات؛ فضلاً عن تشرفها باسم المؤسس العظيم لدولتنا الحديثة.
واسمحوا لي أن أطرح ما أرجوه من هذه الجمعية:
- أن تحقق ما حدَّده نظامُها من أهدافٍ وأنشطة؛ فضلاً عن تقديم ما يرتقي بالإنسان: ثقافة وصحة وسلوكاً.
- وأن يهتم القائمون على شؤونها بنشر ثقافة علوم البحار وكنوزها وكيفية تنميتها، ليس فقط من طريق دوريات علمية محكمة؛ بل من طريق نشر مطبوعات سهلة الأسلوب، مفهومة المصطلحات، تُوَجِّه المواطنين، وتحثهم على المحافظة على تلك الثروات الطبيعية. وليكن شعارها: نحو بحار نظيفة، وبيئة ساحلية غير ملوثة.
- وأن تصبح منارة لتعريف الناس بالبحار والمحيطات، وما يتصل بها، وحَثَّهم على استكشافها واستخراج كنوزها، لذا، اقترح فتح العضوية الكاملة لكلِّ من يهتم بأنشطة الجمعية، شرط التزامه ميثاقها العلمي التطوعي. كما أودّ أن أرى موقع الجمعية الإلكتروني مزاراً لكلِّ طالب علمٍ، وباحثٍ عن المعرفة، وكلّ مهتم بشؤون البحار، فيجد فيه المعلومات والأخبار الحديثة، ويُشبع نهمه من عالم البحار المثير.
- وأن أرى إبداعاً في التخطيط، وتطوراً في التفكير، ودقةً في التنفيذ، خدمة للمجتمع المحلي وكذلك الدولي؛ وأن تستنير بآراء المتخصصين في شتَّى المجالات؛ فتضحَى نموذجاً مميزاً عمّا ألفناه من جمعيات علمية أخرى، يغلب عليها الروتين والرتابة.
ثالثاً: للأسف، أنه بِقَدْر حرص الإنسان على حياته وبيئته، قَدْرَ سعيه إلى إفسادها، بل تدميرها. لقد خلق الله سبحانه وتعالى الأرض ومن عليها، على نحو متوازن، ضمن نظام ربِّاني محكم متناغم، "إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ" (صدق الله العظيم)؛ فواجب الإنسان أن يحافظ على بيئته، فلا يفسد فيها؛ بل يستفيد من خيراتها ضمن نظام مصلحة تلك البيئة؛. وقد وجد العلماء أن انقراض بعض الكائنات أوجد خللاً بيئياً؛ إذ لكلِّ نبتة أو مخلوقٍ دَوْرٌ، قد نجهله، ولكن سبحانه لم يخلق شيئاً عبثاً؛ لذا، أناشدكم أن تُراعي الأنشطة جميعها ضرورة الاهتمام بالتوازن بين مكونات البيئة البحرية، وخصوصاً الحيوانات المهددة بالانقراض والفناء. وهذا ما يدفعني إلى تدشين كرسي للمحافظة على البيئة البحرية الساحلية، ليكون إضافة إلى الجهود المبذولة نحو "بحار نظيفة، وبيئة ساحلية غير ملوثة".
ختاماً: أتوجّه بالشكر والتقدير إلى الجهات، التي تعاونت في إنجاح هذه الندوة، وبوجه الخصوص الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، والهيئة السعودية للحياة الفطرية، ووزارة الزراعة، والهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن، وكلية علوم البحار في جامعة الملك عبدالعزيز؛ فضلاً عمّا ذكرته في حقِّ جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية. ولكلِّ من يسهم في فاعليات الندوة التوفيق، وللمؤسسة النجاح في توثيق البحوث واستنباط نتائجها، ووضع خطط تنفيذها. وبِاسْم الله نفتتح الندوة، ونُطْلِق الجمعية السعودية لعلوم البحار، ونُدَشِّن كرسي المحافظة على البيئة البحرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.