تتحول مدينة طنجة المغربية في شهر يناير إلى واحدة من أفضل الأماكن لاكتشاف أرفع المخرجين السينمائيين بالمغرب شأنًا وأحدث أفلامهم. وينظم المركز السينمائي المغربي بالتعاون مع الغرف المهنية لقطاع السينما بالمغرب هذا المهرجان الذي يُعرف باسم «عرس طنجة السينمائي»، ويقام في دار عرض سينما الروكسي بطنجة بعد تجديدها. وتتباهى الدورة 13 للمهرجان الذي يُعرف رسميًا باسم المهرجان الوطني للفيلم، بعدد الأفلام التي تُعرض فيها وكلها -من أفلام طويلة وقصيرة- من إنتاج العام الماضي. وتقدم جوائز تقررها لجنة محكمين لكل من الأفلام الطويلة والقصيرة، حيث تحتدم المنافسة بين المخرجين وشركات الإنتاج السينمائي. ومن بين الأفلام التي حظيت باهتمام واسع هذا العام فيلم «الأندلس يا الحبيبة» الذي يدور حول موضوع الهجرة غير القانونية إلى أوروبا والوصول إلى الأندلس بعد عبور مضيق جبل طارق. وكما يقول مخرج الفيلم محمد نظيف فإن كلمة الأندلس لها وقع وحنين خاص في نفوس المغاربة، وقال: الأندلس هي نوع من الشعور بالحنين إلى الماضي.. لا نتحدث بشكل خاص بشأن ما في الفيلم ولكن بالأحرى الفكرة العامة التي تمثلها الأندلس هذه الأيام.. الهجرة غير القانونية.. نتحدث أيضًا عن القدرة على الانتقال من مكان لآخر وإمكانية السفر والعيش معا. ولاقى فيلم آخر هو «المغضوب عليهم» اهتمامًا كبيرًا أيضًا في المهرجان، وهو يتناول قضية التعصّب الديني، حيث يدور حول جماعة إسلامية صغيرة متطرفة تخطف ممثلين مسرحيين بالمغرب وتحتجزهم رهائن في منطقة محظورة. وقال محسن البصري مخرج الفيلم انه يعتزم من خلال هذا الفيلم تقديم وجهة نظر مختلفة تمامًا عن وجهة نظر الغرب للتطرف الديني، وقال البصري: الغرب بدأ يعد الموتى منذ الحادي عشر من سبتمبر (هجمات نيويورك عام 2001) فصاعدًا.. لكن الموتى الذين نعاني بسبب رحيلهم قبل ذلك التاريخ بكثير.. في الجزائروأفغانستان وغيرهما.. ولذلك أردت أن أقول ان هذه رؤيتنا وهذه هي الطريقة التي نقدمها لكم بها. وعرض المهرجان أيضًا فيلم آخر اسمه «الطريق إلى كابول» يتناول موضوعات مألوفة، حيث يتناول هذا الفيلم بنوع من السخرية قضايا حيوية مثل الهجرة غير القانونية (غير الشرعية) والتطرف الديني والهجمات على مقاهي الإنترنت بالإضافة إلى نظرة جادة لما تدور حولها الحرب في أفغانستان. وقال ممثل يُدعى عزيز داداس شارك في الفيلم أنه يدور حول أربعة أبطال أُخذوا إلى أرض جديدة وأن فيلم «الطريق إلى كابول» يقدم حكاية مجموعة من جيل الشباب التي هجرت البلاد وكان حلمها أن تخرج للخارج وهاجرت مرغمة. وتناول فيلم آخر عُرض في المهرجان موضوعًا تاريخيًا، حيث يدور الفيلم حول قيام مجموعة من الأمازيغ في جنوب المغرب -استنادًا لأحداث تاريخية- بتأسيس جمهوريتهم الخاصة المستقلة في مواجهة الاستعمار الفرنسي وذلك في فيلم «الطفل الشيخ» الذي يمثل أرضًا جديدة للعاملين في صناعة السينما بالمغرب. الفيلم عُرض في المسابقة الرسمية للمهرجان وهو من إخراج السينمائي المغربي الكبير حميد بناني وبطولة الفنانتين سناء موزيان وفرح الفاسي ويحكي عن مقاومة قبيلة «آيت عطا» للاحتلال الفرنسي في الفترة بين 1923 و1933، وبدأ الفيلم بعبارة كُتبت على التيتر بأنه يجسّد ملحمة مغربية عظيمة. وعندما سئُلت بطلة الفيلم لفنانة المغربية سناء موزيان عن ما إذا كانت راضية عن الفيلم بعد مشاهدته قالت أنها تعبت في تصويره لمدة عامين وعلى الورق كانت ترى فيلم آخر ولكنها سعيدة أن الفيلم رأى النور في النهاية. فيما أوضح حميد بناني مخرج الفيلم أن موضوعه لم يسبق لأحد تناوله سوى على الصعيد الأكاديمي فقط، وقال: «التاريخ مهم بالنسبة للمجتمع الحاضر.. لا بد الفنانون والسينمائيون والكتّاب يرجعوا التاريخ بس يعتبروا بالحيوية ويبيّنوا للناس الإنسان في ذاك الوقت.. وكأن ذاك الإنسان سيكون عنده علاقة مع الانسان الحاضر.. إذن هذه مسؤولية على الفنانين ألا يبقى التاريخ ميتًا.. التاريخ يكون للفنانين ويدخل له الخيال والإبداع». وبعد اكتسابهم مزيدًا من الثقة في أعمالهم، يعالج السينمائيون في المغرب العديد من الموضوعات في أفلامهم بروح من الفكاهة والتعاطف، وفي بعض الأحيان يخوضون في قضايا جديدة لم يسبق لأفلام سينمائية تناولها.. لا سيما في المغرب العربي. جدير بالذكر أن فعاليات مهرجان طنجة السينمائي انطلقت يوم 12 من شهر يناير الجاري واختتمت يوم السبت الماضي 21 يناير. وقد كرّم المهرجان في دورته لهذا العام ثلاثة من السينمائيين المغاربة، وهم المخرجان: عبد الله المصباحي (76) سنة، ومصطفى الدرقاوي (68) سنة، والممثل صلاح الدين بنموسى (67)سنة.