بمتحفها الذي اختارت له اسم "باسموكا / Basmoca" تعد السيدة بسمة السليمان أول امرأة سعودية تنشأ متحفًا للفن المعاصر يعرض أعماله ومحتوياته عبر الإنترنت بإستخدام تكنولوجيا العوالم الافتراضية ثلاثية الأبعاد للجمهور، بل إن المتحف يعد الأول من نوعه في العالم، الذي يتيح للجمهور فرصة زيارته الإطلاع على مجموعته الفنية من أي مكان في العالم، متخطية بذلك الحدود والتحديات المادية والجغرافية.. بسمة تحدثت ل"الأربعاء" حول هذه التجربة الجديدة، مستهلة بقولها: بدايات المتحف كانت منذ هوايتي لتجميع الأعمال الفنية والمقتنيات بصورة شخصية بعد دراستي في جامعة الملك عبدالعزيز قسم أدب إنجليزي، حاولت أن أصقل الهواية والحب للفن بالثقافة والمعرفة والمعلومات المثبتة والواضحة؛ فسافرت إلى لندن وحصلت على دبلوم من معهد كريستي في الفن المعاصر، الأمر الذي زاد من معرفتي بالفن الذي كنت أشاهده، وأصبح إنتقائي للفن بطريقة مدروسة أكثر من ذي قبل. وتضيف السليمان: أردت أن أعرض مجموعة فنية في مكان يتاح للجميع زيارته، وبحكم وجودي في الخارج تعرفت على التكنولوجيا الجديدة التي تتيح للإنسان تكون مكان في العالم الإفتراضي يستطيع للفرد أن يزوره ويطلع على منتجاته في أي وقت وفي أي مكان من العالم، ومن هنا كانت فكرة متحف "بسموكا" الذي هو عبارة عن متحف إفتراضي على الشبكة العنكبوتية له أبعاد ثلاثية باستطاعت الجميع من كافة أنحاء العالم زيارته والتلاقي فيه للحوار والمناقشة، وهو متحف لا يسعى للعائد المادي ولكن يهدف لنشر الوعي الثقافي بشكل عام بين المجتمعات. بوابة الفن السعودي وتكشف بسمة عن محتويات متحفها قائلة: يضم المتحف أعمالاً فنية لفنانين عالميين معاصرين من جميع أنحاء العالم كأمريكا والصين وأوروبا والعالم العربي؛ حيث يحرص المتحف على عمل معارض لهؤلاء الفنانين، وبناء جسر بين الحضارات الغربية والعربية وخاصة الحضارة والفن السعودي، حيث نسعى إلى الاستمرارية في عمل عدة معارض مختلفة يصب تركيزها الأكبر على التعريف ونشر الثقافة والفن السعودي حتى يصل إلى أكبر شريحة من المجتمعات الأجنبية، ويكون المتحف بوابة للتعرف بالفن السعودي ورواده وثقافته المعاصرة مع إتاحة الفرصة للزائر للحوار ولمناقشة هذه الأعمال والمجموعات الفنية مع الفنان صاحب العمل. وعن تقنية المتحف تقول بسمة: المتحف يعد الأول على مستوى العالم رغم وجود التقنيات والفكرة لكنها لم تطبق استعمال التكنولوجيا بهذا المنطلق في العالم أجمع غير عن طريق هذا المتحف الذي يتيح للزوار القيام بتنزيل التطبيق الخاص بالتجوال في المتحف وتسجيل الدخول على موقعة الإلكتروني ومن ثم تصميم شخصيات خاصة بهم لاستخدامها في المتحف للتجوال والتعارف والتحاور مع الآخرين، كما يعمل و المتحفعلى تغيير العروض وتنوعها بصورة مستمرة مثل عرض التخاطب بين الثقافات، وعرض عن الفن السعودي ومقارنته بفن دول أخرى من حيث أوجه التشابه والاختلاف، بالإضافة لعمل معارض تركز على فنان معروف وذي شهرة عالمية مثل بيكاسو وفان جوخ وغيرهما. وتضيف بسمة: نحن نعيش في عصر التكنولوجيا الحديثة؛ خاصة جيل الشباب الذي يقضى معظم أوقاته على أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية، وباتت التكنولوجيا جزءًا طبيعيًا من حياتهم اليومية في نفس الوقت، ومن جهة أخرى تعاني المتاحف وخاصة الخاصه منها من قله الزائرين لعدة أسباب منها أن المشاهد أصبح قليل الرغبة في التنقل خارج حدود محيطة ونطاقه المعتاد عليه ولذا كانت فكرة المتحف تتجسد في الوصول وتقديم الأعمال الفنية للمشاهد إلى المنزل وإلى خصوصياته التي يستعملها مثل الكمبيوتر الذي أصبح في متناول واستخدام الجميع، فلا شك أن الوقت الحاضر تغير وزيارة المتاحف قلت من قبل الجيل الجديد وهي معاناة عالمية وعليه جاء المتحف ليوضع جسر لتغطية هذه المساحات الفارغة بين المشاهد والمتاحف الفنية. تغيير المفاهيم وعن الصعوبات التي واجهتها عن تأسيس مشروع المتحف قالت: إن من مزايا المتحف أنه في عالم افتراضي، وهو عالم آخر لا يوجد به تعقيدات البيروقراطية وإجراءات التأسيس والتسجيل وبالتالي أزاح كافة المعوقات التي قد تواجه أي مشروع على أرض الواقع، مشيرة إلى أن المتحف ليس له مردود تجاري أو عائد مادي وإنما يهدف لنشر الوعي والثقافة وقد قمت بتمويل المشروع بشكل شخصي واستغرق تأسيسه وتصميمه على الإنترنت سنة وثمانية أشهر تقريبًا مؤكدة على الإقبال اللافت من قبل الزائرين حيث تخطى في أول أسبوعين للمتحف 11 ألف زائر من جميع أنحاء العالم ومازال العدد في إزدياد. عن إنعكاسات المتحف ودوره في جذب السياحة للمملكة قالت السليمان: بالطبع نحن نسعى لجذب المجتمعات الغربية وتعريفها بالتراث والفن والثقافة السعودية إلا أن هناك معتقدات خارجية خاطئة حاصرت المملكة وخاصة الإعلام الذي يلعب دور ضدها ويسعى لإظهارها بأنها بلد صعب الوصول والتعامل معها وأن ثقافتها محددة والحياة فيها محدودة، ونحن مثل أي شعب آخر لدينا أمال وطموحات وعندنا ثقافة وتقدم وحضارة ولدينا خصوصياتنا التي نحترمها ونطلب من الجميع أن يحترمها وهذا لا يعيقنا في التقدم وإظهار ما لدينا ودليل ذلك المتحف بمقتنياته من الفن السعودي، الذي استطاع أن يثبت نفسه، والفنانون السعوديون اثبتوا جدارتهم وقدرتهم على مضاهاة أي فنان آخر من خلال أفكارهم وبطريقة التنفيذ والأشكال التي يظهرون فيها الفن السعودي الذي رغم إنه يخطو أول خطواته إلا إنها خطوات ثابتة ومبنية على أسس ويحظى بالكثير من التشجيع من الحكومة والأفراد. وحول ردة فعل الغرب بعد تعرفه على الفن والثقافة السعودية تقول بشمة: إتسمت بالاستغراب الشديد؛ حيث تعجب من الفن السعودي ومدى قدرة فنانيه على مناقشة البيئة المحيطة والتعامل مع القضايا وشؤون المجتمع بقوة وفعالية وبصورة واضحة وذلك يرجع مع الأسف للصورة النمطية للإعلام الخارجي الذي انتقص من حقوقنا فأظهرنا بمظهر غير ملائم للواقع؛ لكن الصورة بدأت تتغير وتتضح لدى الغرب بعد التعرف والإطلاع على الفن السعودي وقدراته، ونحن نسعى من خلال المتحف إلى إظهار الجانب الإيجابي خلافًا للجانب السلبي الذي يظهره ذلك الإعلام. مجتمع ناهض أما عن رؤيتها لمستقبل المرأة السعودية قتقول السليمان: إن المجتمع السعودي مجتمع ناهض، ودور المرأة السعودية فيه بات يختلف عن تلك المرسومة لها فقد أصبح لها دور ايجابي وأثبتت نفسها علميًا وعمليًا وخطت خطوات قوية وثابتة نحو المستقبل وأخذت على عاتقها لعب دور فعال في المجتمع؛ فهي جزء منه وليس نسبة قليل منه، كما أن دخول القوى العاملة السعودية النسائية في قطاع الأعمال أمر مشرف ويثبت دور المرأة السعودية التي كانت دائمًا تمتلك الطموح والمعرفة والخبرات ولديها شغف وحب لخدمة وطنها ومجتمعها والوقت الحاضر أتيح لها الكثير من الفرص وأتوقع للمرأة السعودية الكثير من الأدوار القيادية في المستقبل لكن تحت خطوات مدروسة بصورة ملائمة لأوضاعنا وخصوصيات حياتنا الإسلامية والإجتماعية.