كيف بدأت رحلتك مع الطيران؟ - كنت ضمن أوائل الدفعة التي تخرجت في العام 1367ه من مدارس سلاح الطيران بالطائف بمنطقة القشلة، وهي موجودة حتى اليوم، والتي تضم المدرسة الحربية (الجيش)، اللاسلكي، والتمريض، وكنت بجانب 20 من زملائي، ابتعثنا حينها إلى بريطانيا بعد إنهاء دراستنا في الطائف، نواة لسلاح الطيران السعودي. وكيف كانت طبيعة الدراسة في مدارس سلاح الطيران بالطائف؟ - كان يقوم بتدريبنا حينها بعثة من 5 مدرسين إنجليز، فيما كان المسؤول عن إدارة المدرسة الضابط محسن الحارثي أول رئيس أركان في المملكة. وقمت خلال فترة الدراسة ب200 ساعة طيران على طائرة تسمى تايجر موث (Tiger Moth)، وكان خزان الوقود فيها يقع أعلى الجناحين ولم يكن يتم سحبه بطلمبات بل كان ينزل للمحرك نزولا. ومتى كان ابتعاثكم للخارج؟ - مع انتهاء الحرب العالمية الثانية تم منع الطيران الحربي من عصبة الأمم (الأممالمتحدة لاحقا)، بسبب الخسائر الكبيرة في الأرواح التي أسفرت عنها، والتزمت المملكة حينها بهذا القرار، ولم تبدأ بإرسال أبنائها لدراسة الطيران إلا في بداية الخمسينات مع تخفيف المنع المفروض سابقا، وكنت من أوائل من ابتعث للخارج. حيث ابتعثت مع عدد من زملائي إلى بريطانيا لدراسة الطيران التجاري في مدرسة AST بعد انتهاء دراستنا في مدارس سلاح الطيران بالطائف، وكان يدرس في هذه المدرسة البريطانية طلاب من 40 جنسية مختلفة منهم طلاب من معظم الدول العربية، وأنهينا دراستنا في سنة 1951م. وكيف تغير مسارك من طيار مدني إلى طيار عسكري؟ -بعد انتهاء دراستنا للطيران التجاري، قابلنا زملاء لنا تخرجوا حديثا من كلية ساند هيرست العسكرية البريطانية بلباسهم العسكري المميز، ونصحونا بالانضمام لها معددين لنا ميزات أن يكون المرء عسكريا، وقد تأثرنا بما قالوه، وفعلا انضممنا لنفس الكلية وأنهينا دراستنا فيها بالعام 1953م. وما هي أبرز ذكرياتك خلال الفترة التي قضيتها في بريطانيا؟ - لفت نظري حين ذهبنا لدراسة الطيران في بريطانيا أن معلومات الشعب البريطاني حينها عن الشعب السعودي تكاد تكون معدومة، وأتذكر أنه في طريقنا إلى بريطانيا توقفنا في مصر، واشتري لنا مرافقنا المدرس الإنجليزي من البعثة البريطانية في مدرسة الطائف ملابس شتوية، وعند وصولنا للندن استقبلنا السفير السعودي حينها الشيخ حافظ وهبة، ونزلنا في فندق يدعي نورفولك في شارع بايز ووتر ورقمه 38. من كان ملك بريطانيا حينها؟ - شاء القدر أن أحضر حدثا تاريخيا كبيرا خلال فترة دراستي هناك، هو تتويج الملكة إليزابيث الثانية في لندن العام 1951م، وكان سمو الأمير مشعل بن عبدالعزيز وزيرا للدفاع حينها، وطلب مقابلتنا أنا وزملائي في الدراسة بباريس التي كان موجودا فيها حينها، وبالفعل تم قطع تذاكر القطار لنا عن طريق السفارة بلندن لموافاة سموه في باريس، وفعلا تحرك القطار من مدينة بيرث في الشمال حيث كنا ندرس، ووصلنا إلى قناة المانش التي تفصل فرنسا عن بريطانيا واستقللنا باخرة وأكملنا بعد ذلك رحلتنا بالقطار في فرنسا حتى باريس. وماذا كانت أولى مهامك العسكرية بالمملكة؟ - عملت بعد عودتي من بريطانيا كبيرا للمعلمين في مدارس سلاح الطيران بجدة والتي كنت أحد مؤسسيها، وتخرج على يدي خلال فترة تدريسي فيها لمدة 6 سنوات أكثر من 40 طالبا، كنا نقوم بتدريبهم على طائرات من طراز ship monk وأخرى من طراز T6، وهي نفس الطائرات التي تستعمل للتدريب في بريطانيا، وكان أول قائد لهذه المدرسة اللواء طيار هاشم سعيد هاشم. ثم توليت بعد ذلك قيادة السرب الرابع في القوات الجوية بجدة لمدة سنتين خلال فترة قيادة العميد حمزة طرابزوني للمجموعة الأولى (قاعدة الملك عبدالله الجوية حاليا). وكان أول راتب تقاضيته 200 ريال شهريا خلال فترة ابتعاثي في بريطانيا، فيما كان راتبي عند التقاعد 15 ألف ريال. وما هي أبرز المناصب التي تقلدتها؟ - توليت قيادة القاعدة الجوية بالرياض لمدة أربع سنوات انتهت العام 1394ه، ثم عملت في مكتب المستشارين بوزارة الدفاع حتى تقاعدي في العام 1399ه في عهد الملك خالد رحمه الله. ولكني قمت بقيادة عدد من طائرات الملوك وكبار الأمراء بداية بالملك فيصل، ثم الملك خالد، والأمير محمد بن عبدالعزيز، فالملك فهد، وأخيرا الملك عبدالله حفظه الله. وماذا عن حياتك بعد التقاعد، هل شعرت بالملل بعد حياة حافلة بالعمل؟ - في الحقيقة لم أتوقف عن العمل بعد تقاعدي، إذ تعاقدت مع شركة عالمية تعمل لحساب القوات الجوية، وعملت لسنوات قائدا لإحدى طائرات النقل الحربي، ومن المفارقات الغريبة أنه حين تم التعاقد معي بعد التقاعد كان رئيس السرب الرابع الذي أصبحت أعمل تحت إمرته تلميذا سابقا لي، وهو اللواء صالح رفيع.