اختتمت مقال أمس حول التعاون في مجال البحث العلمي بقولي: إن قبول علماء مبرزين مبدأ التعاون مع أساتذة جامعتي الملك عبدالعزيز والملك سعود، إنما هو اعتراف منهم بمكانة الجامعتين، وجدية الباحثين في هاتين المؤسستين، ومن غير الإنصاف بحق أساتذة عالميين مشهود لهم بالريادة والتفوق اتهامهم بقبول عرض الجامعتين مقابل حفنة من الدولارات والتضحية بسمعتهم العالمية. وفي هذا الصدد فقد أورد باتاشارجي الكاتب بمجلة ساينس الأمريكية إفادة نيل روبرتسون أستاذ الرياضيات الممتاز بجامعة ولاية أوهايو الذي وقع عقدًا مع جامعة الملك عبدالعزيز والذي لا يرى ما يعيب في هذا العرض؛ وأضاف: «إنهم يمتلكون المال ويرغبون في استثماره في بناء شيء ما». أما المنتسب الآخر لجامعة الملك عبدالعزيز، عالم الفلك قاري قلمور الأستاذ بجامعة كيمبريدج فقد قال: «تشتري الجامعات على الدوام سمعة الناس». وأضاف: «من حيث المبدأ ما تفعله جامعة الملك عبدالعزيز لا يختلف البتة عما تفعله جامعة هارفارد عندما تقوم بالاستعانة بباحثين بارزين». * إننا ندرك أننا متأخرون في البحث، وكان ذلك صحيحًا إلى عهد قريب، وربما كان ذلك مرضيًا لكاتب المقال في مجلة ساينس، ولكن عندما بدأنا في الحراك بدعم من قيادتنا الرشيدة، عبر إيجاد آليات وبرامج جديدة لم تكن متوافرة، ومن بينها على سيبل المثال لا الحصر إطلاق يد الجامعات في التمويل الذاتي، والخروج إلى المجتمع بالكراسي العلمية ومراكز التميز العديدة لم يرق ذلك لكاتب المقال. * إن طبيعة البحث العلمي تتطلب الجرأة في الطرح والمبادرة في ارتياد المجالات الشائكة، حيث ان نصف البحث يعتمد على المعاناة والنصف الآخر يعتمد على النتائج. وقد تطورت في السنوات الأخيرة نوعية الأبحاث، كما نمت لدى أعضاء هيئة التدريس قي الجامعات السعودية ثقافة النشر في المجلات المميزة والمصنفة عالميًا، وألاحظ ذلك عن كثب من خلال عضويتي في اللجنة الدائمة للترقيات العلمية، وكذلك عبر رئاستي لمركز النشر العلمي، وأصبح هناك الآن حرص كبير من الباحثين لانتقاء الموضوعات الحيوية، ونشر البحوث في منافذ محكمة مرموقة. * قامت جامعة الملك عبدالعزيز في الفترة الأخيرة بعدة أنشطة رائدة وذات طابع دولي ليس آخرها توقيع اتفاقيات التوأمة مع عدد من الجامعات الأجنبية، وكذلك إنشاء اللجنة الاستشارية الدولية التي من صلب مهامها تشجيع البحث العلمي وتطوير برامجه وتحسين آلياته. وارتفع عدد مراكز التميز في الجامعة حتى وصل ثمانية مراكز، بالإضافة لإنشاء سبعة عشر كرسيًا علميًا، ومن بين الشروط التي تتضمنها عقود تلك البرامج وجود أستاذ من المعروفين دوليا والمبرزين في مجالاتهم التخصصية. كما أن الجامعة طورت من آليات حضور المناسبات العلمية، مثل ورش العمل والمؤتمرات بالداخل والخارج؛ وقامت بربط المشاركة فيها بالنشر العلمي. ولذا يلاحظ المتابع غير المتحيز لأنشطة المؤسسات البحثية زيادة مضطردة في عدد البحوث المنشورة في قواعد بيانات آي إس آي (ISI) وصلت إلى 310 ورقات علمية خلال عام 2010؛ مقارنة بما مجموعه 260 ورقة في عام 2009. * يقوم مركز النشر العلمي بالجامعة بتنفيذ خطة طموحة لتطوير النشر بمجلة جامعة الملك عبدالعزيز تتضمن استضافة وإنتاج عدد من عناوين المجلة بمؤسسة السيفير العالمية؛ وتطبيق نظام التسليم والتحكيم والتحرير الإلكتروني لبقية عناوينها الأخرى؛ وهي خطة من المؤمل أن تدفع المجلة نحو العالمية؛ خاصة بعد أن لمسنا رغبة وسائط المعلومات العالمية لاستضافة مجلات الجامعة في مواقعها على الإنترنت، وتم فعلا العديد من الاتفاقات الثنائية لإتاحتها بالنظام غير الحصري المفتوح (OPEN ACCESS). * إن بعض وسائل الإعلام المحلية قد تطوّعت بجلد الجامعتين وباحثيها وبرامجها أكثر من مجلة ساينس نفسها؛ حيث إنه كان يتعين عليها أن تتريث قليلًا، وأن تكون لديها آلية للتحقق مما جاء في مقال المجلة، بدلا من أن تكون مجرد ناقلة للخبر؛ ليس ذلك فحسب، بل إن بعضها تمادى في صياغة الخبر بطريقة مثيرة تؤلب الرأي العام بعناوين بارزة مثل الجامعات السعودية تشتري التميز؛ مما يوحي بوقوع الجامعتين في فضائح، وإقدامهما على رشاوى لشراء التميز، وتحقيق درجات متقدمة في التصنيف. * يبقي للجامعتين كل الحق في الدفاع عن نفسهما، واللجوء لكل الوسائل، والقنوات القانونية والنظامية، في استجلاء الحقائق. * لا ينبغي أن نتوقع أن يكون مقال مجلة ساينس هو نهاية المطاف، فقد تظهر مقالات أخرى، وعلينا أن نستعد على الرد بموضوعية، ويجب ألا يثني المقال المذكور الجامعات السعودية عن العمل الدؤوب، كما نرجو ألا يمتد الإحباط إلى الجامعات السعودية الناشئة التي سجلت العديد من عناصر التميز، في فترة وجيزة، خصوصا جامعات الطائف وتبوك وجازان التي شهدت طفرات واسعة في المجالات البحثية والتعليمية، خاصة وأننا في ظل الدعم اللا محدود من قيادتنا الرشيدة، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز هذا الملك الطموح المبادر، ذو الرؤية بعيدة المدى الذي لم يتوان للحظة في توفير كل الموارد والتسهيلات للارتقاء بالعملية البحثية والتعليمية في بلادنا العزيزة؛ مدعومة ببرامج الابتعاث وإنشاء الجامعات الجديدة ضمن الخطة الوطنية الشاملة للتطوير والتي تهدف إلى بناء الإنسان السعودي. عميد شؤون المكتبات ومدير مركز النشر العلمي جامعة الملك عبدالعزيز