نشرت الصحف أن البنوك المحلية قد أجّلت فتح حساب جديد لكل من راجعها إلى ما بعد 6 أشهر، وقيل إن مبرر ذلك كثرة الطلبات بشكل يفوق طاقة موظفيها، وإن كان السبب- كما برر بعض الاقتصاديين- يعود إلى أن فاتحي الحسابات الجديدة سيودعون فيها مبالغ غير مغرية للبنوك بوجود سيولة نقدية تحركها البنوك. يبدو أن عبارة «راجعنا بكرة» قد تطوّرت إلى المراجعة بعد ستة أشهر، في وقت أصبح البنك ضرورة لكل مواطن، فالراتب يودع في البنك من الجهات الحكومية وغير الحكومية، والفواتير تسدد عن طريق البنك، والحصول على مبلغ لا يكون إلا عن طريق صرّاف البنك، وعلى العموم فأكثر التعاملات في البيع والشراء عن طريق البنك، فكيف سيتصرف المواطن خلال تلك الشهور، وقد لا يفتح الحساب بعد الشهور الستة مباشرة. البنك صار خدمة عامة فأكثر الرسوم في الدوائر الحكومية لا تُقبل إلا عن طريق البنك، ومن لا حساب لديه يدفع مبلغًا مقابل تسديد شخص آخر من حسابه، ومثل هذا التأجيل فيه إجحاف بحق من حقوق المواطن لابد له منه، حتى أصحاب إعانات الضمان الاجتماعي لا تصرف لهم إلا عن طريق البنك، فإن لم تقم البنوك بتلك الخدمات عن طريق الحساب فما هو البديل؟!. في الوقت الذي تتسابق فيه الدوائر الحكومية في التعاملات الإلكترونية بحيث صار المواطن يحصل على الخدمة وهو في منزله، أو يعبئ نموذجًا ليراجع ويجد معاملته قد انتهت، صارت البنوك تطلب من المواطن، أن يؤجل فتح الحساب لمدة ستة أشهر، ويظهر أن عبارة راجعنا قد طوتها الدوائر الحكومية وأرسلتها إلى القطاع الخاص الذي في عمومه لا يتجاوب مع حاجة المواطنين في التوظيف حتى وصل الأمر إلى أن محدود الدخل لا تسمح له البنوك بفتح حساب، فإن كانت لأصحاب الدخول الكبيرة فلتوجد بنوك لذوي الدخول القليلة. عندما صارت البنوك تربح أرباحًا فلكية حين كانت الأسهم موجة ركبها الناس حتى أغرقتهم، كانت البنوك تطلب ممن يراجعها لفتح حساب أن يؤجل طلبه شهرًا، ولكن يبدو أن البنوك قد استغنت، ولذا فإن عوائدها من الدخول الكبيرة جعلتها تؤجل فتح حسابات جديدة لذوي الدخل القليل، ولا أظنها ستفعل ذلك لو تقدم لها صاحب مليون أو مليار. كانت بعض البنوك تفتح حسابات لطلاب الجامعة، وهم ليس لديهم سوى المكافأة الشهرية التي لا تزيد على ألف ريال، وذلك حرصًا على أن تكسب عملاء مستقبل لها، أما الآن فيبدو أن البنوك قد قنعت في زمن المليار عمّن يرغب فتح حساب بالألفين والثلاثة. البنوك الخارجية تحرص على العميل لئلا تفقده ويعامله موظفوها بكل لطف وحفاوة، أما بنوكنا بعض موظفيها يعامل العميل -إذا راجع- وكأنه طالب مبلغ من البنك، وليس من أمواله المودعة في البنك. إن كانت البنوك أقل من حاجة البلاد، فلتسمح مؤسسة النقد بافتتاح بنوك جديدة، وإن كان التأجيل يعود إلى أن الربح القليل غير مُغرٍ للبنوك، فليكن من المؤسسة إلزام للبنوك بخدمة العملاء أيًا كان مستواهم المالي في زمن اتجاه التعاملات المالية إلى البنوك بدءًا من رواتب موظفي الدولة ودفع رسومها وانتهاء بالبيع والشراء من المحلات التجارية.