بحث عنها في عاصمة الأناقة ومدينة العطور.. فقد أخبرته ذات مرة أنها تتردد عليها بين فترة وأخرى.. سأل عنها مقاهي المدينة الشهيرة.. وقوس النصر.. ونهر السين.. وبرج إيفل.. تلعثم وتردد أن يسأل باريس عنها، لأنها قالت له ذات مساء، وقد أخبرها أنه سأل عنها قلب مدينة عربية جميلة.. لا تسأل قلب امرأة عن امرأة أخرى. المدينة التي يزورها هي مصدر العطور غير أن عطر حبيبته يملأ كل أرجائها.. تخيلها وهي تسير إلى جواره في شتاء يناير القارس ونسمات الهواء الباردة تداعب وجناتها فتزيدها توهجاً وتورداً.. استوقفته طرقات المدينة تسأله في شوق عن حبيبته.. واشتكت له مقاعد المقهى الشهير الذي كانت تجلس فيه حنينها إليها. أخبرهم أن الأقدار شاءت أن يكون هناك وأنه هو ذاته يُمنّي النفس بلقاء محبوبته ليحكي لها لوعته ويبثها شوقه ويناجيها عن حنينه.. ويتسكّع معها هنا وهناك. لم تبهره «الموناليزا» وهو يقف أمام اللوحة التي أبدع دفنشي في إخراجها، فهي ليست أجمل من حبيبته، حتى وإن أبهرت العالم كله وتغنى بها الشعراء وحلم بها الرسامون.. في «اللوفر» وقف يستنطق اللوحة يقول لها في تباه.. لو رأيتِ جمال حبيبتي لتواريتِ من الخجل.. ولطغى بهاؤها عليكِ.. ولغابت ابتسامتك أمام ضياء ثغرها وإشراقة وجنتيها. حسناؤه عربية أصيلة عطرها العود والعنبر.. وشذاها المسك والخزامى.. وسكناها مراعي الغزلان.. لو رآها دفنشي لتوقف عن إكمال الموناليزا.. ولهامَ في رقّتها وذاب في حُسنها.. في عينيها بريق الضباء الحرة.. وقوامها غصن بان.. وجدائلها ضياء حرير.. وحديثها غناء.. وهمسها عذب كخرير الماء. عن أي جمال هؤلاء يحكون..؟ وعن أي حسن يتحدثون..؟ وعن أي غيداء يبحثون..؟ لو أطلّت حبيبتي لأبهرت الأنظار.. وسلبت العقول.. وأذابت القلوب.. لاشئ يساويها في كل شئ لأنها حبيبتي وكفى.