هذه المرة استعرت أسلوب الزميل الأستاذ أحمد العرفج الكاتب بهذه الصحيفة في استخدام الكلام المسجوع في عناوين مقالاته ، و يبدو أن سبب ذلك أن موضوع المقال له علاقة بأفاعيل الجان جعل الله كلامنا خفيفاً عليهم!! قيل لي بأن فكرة بيع فلل الإسكان في مكةالمكرمة بالمزاد العلني تجددت ، و أن المزاد قد يُعقد خلال أسبوعين ، فقلت ألا يكفينا اشتعالاً لأسعار العقار في المشرفة مكة ؟ أليس من رأي في وزارة المالية وهي القائمة على تنفيذ المزاد ؟ ويعرف الخبراء والاقتصاديون فيها أن مثل هذا المزاد كمن يصب الزيت على النار ؟ ثم اطلعت على خبرين نشرتهما هذه الصحيفة الثلاثاء الماضي 9/2/1433ه و في صفحة واحدة ، الأول يتحدث عن «إنهاء إجراءات صرف 80 مليار ريال تعويضات عقارات الساحات الشمالية للحرم قريباً» ، و هو خبر في حد ذاته يدفع في اتجاه ارتفاع أسعار العقارات في مكةالمكرمة ، و أما الثاني فهو خبر «مزاد علني لبيع 1132 فيلا بإسكان الرصيفة بمكةالمكرمة خلال شهرين» ، و هو خبر أيضاً يدفع في اتجاه ارتفاع أسعار العقار و الوحدات السكنية في مكةالمكرمة. فتذكرت حديثي مع أحدهم عندما قابلته -قبل عامين- أثناء مراجعتي للجنة توسعة الساحات الشمالية ، و هو يبدي اعتراضه على سعر متر الأرض للعقارات المقابلة للمسجد الحرام الذي تجاوز الأربعمائة ألف ريال استناداً لكونه أحضر زبوناً لأحد الملاك قبل نزع الملكية بستمائة ألف ولم يقبل بالبيع ، فقلت له اتق الله يا رجل فقد تضررت الغالبية من أهالي مكة كثيراً بسبب الارتفاع الفاحش لأسعار و إيجارات العقارات و الأراضي بتأثير الأموال التي تم ضخها في السوق بسبب تعويضات النزع المتتابع للملكيات من أجل توسعة الحرم ، ثم إن عدم قبول صاحبك البيع ليس دليلاً على أن سعر متر الأرض يسوى أكبر و إنما ببساطة هو لا يرغب في البيع أصلاً. و ذكرت له كيف أن أحلام غالبية المكيين في بناء مساكنهم تبخرت مع هذه الطفرة في أسعار الأراضي. و قد سبق لي أن كتبت مطالباً مجلس الاقتصاد الأعلى التدخل من أجل كبح أسعار الأراضي في منطقة مكةالمكرمة وليس مدينة مكةالمكرمة فحسب باستخدام أدوات اقتصادية مختلفة ، و لكن استمر ارتفاع الأسعار بشكل جنوني ، و الآن يأتي المزاد -بحجج أراها واهية- ليزيد الطين بلة. إن من ضمن أدوات كبح الأسعار قيام الدولة بإنشاء وحدات سكنية و توزيع أراضٍ في مخططات مكتملة الخدمات ، و نحن لدينا في مكة هذه الفرصة المواتية ثم تأتي تلبيسات الجان التي ذكرتها ومنها أن إيراد المزاد سيخصص لإقراض المقدمين على القروض من أهالي مكة من صندوق التنمية العقارية ، و أن الفيلا الواحدة قد تُباع بقيمة تغطي ثلاثة أو أربعة قروض فيستفيد عدد أكبر ، وهنا التلبيس في رأيي لأنه يمكن أن يكون صحيحاً لو أن الدولة في حاجة للسيولة التي ستنتج عن المزاد أو أن أسعار الأراضي في متناول المقترضين ، أما و أن الشرطين لا ينطبقان فإن الصحيح أن توزع الوحدات على المقدمين على القروض وفقاً للأولوية ، مع اتخاذ إجراءات تحول دون بيعها إلاّ بعد سنوات معينة لكي لا يحصل ما نحذره من آثار المزاد ، و هو ما سوف يؤدي الى كبح جماح الأسعار ولو جزئياً. إن مكةالمكرمة تستحق عناية خاصة في مجال كبح جماح أسعار الأراضي و العقارات عموماً وهذا ليس فقط لأنها المقدسة و المعظّمة و أن أهلها هم أهل الله و أن زوارها هم وفده ، و إنما لأنها تتعرض لهذا الحجم الكبير من نزع الملكيات و ضخ هذا الحجم الكبير من الأموال. و من إجراءات هذه العناية: إيقاف هذا المزاد ، و مسارعة وزارة الإسكان إلى بناء الوحدات السكنية و إعطاء مشاريع مكة أولوية قصوى ، و كذلك مسارعة وزارة الشئون البلدية إلى إصدار قرار الموافقة على زيادة ارتفاع المباني في بعض الأحياء القابلة للزيادة و التي معاملتها –حسب علمي- معروضة على سمو الوزير ، بالإضافة إلى تدابير أخرى يوصي بها أهل الاقتصاد لمواجهة موجة غلاء الأسعار في المحروسة مكة. هامش: هل يُعقل أن يصل سعر قطعة الأرض في مخططات ولي العهد التي تبعد عن أحياء أطراف مكة بعدة كيلومترات إلى سبعمائة ألف ريال و أكثر و هي لم تصلها أي خدمة من الخدمات و لا أي مرفق من المرافق لولا هذه الطفرة العجيبة ؟ و ماذا عن أسعار الأراضي في المخططات التي هي داخل المدينة ؟ إنها في خانة الملايين وهي بعيدة المنال لأجيال من أهالي مكة فهل من معين بعد الله ؟؟ و هل في الجان جني يوقف تلبيسات إخوانه؟!