قال لها: لماذا تبدين هاربة من عالم ليس لنا فيه إلا الاستسلام لواقعيته؟ فأجابت: هذا أنا.. فمن أنا..؟ أنا ما كنته أو ما أكون عليه.. كنت وردة في عمر الزمان.. متفتحة في أوج عظمتها وعطائها.. شامخة معطرة.. لا تخلو من روافد العطاء، أشتمُّ عطري كوردة في عمر الزمان.. يغلفني انكسار اليتم بفقد والدي منذ نعومة أظفاري.. لأواجه هذا الانكسار بالصمت والكبت.. واستمرار العطاء.. ورغم ذلك مازلت شاحبة شاخصة هاربة رغم حرصي على دفن المعاناة في حفر الآلام. قال: وهل ما ارتسم على محياك قناع زائف؟! تمتمت ثم أعلنت البوح: لقد تزوجت وكأني ترملت فعشت وطأة الأحزان في داخلي ورسمت الابتسامة المزيفة على شفاهي.. تعودت زرع الأمل بالحقيقة أو الخيال.. لم أيأس ولم أنحدر كما فعل غيري، وكظمت عذاباتي بينما خناجر الدموع الحارقة تذبح قلبي وحياتي، وحين لامتني دموعي متسائلة: لماذا أحرقت خديك وأذبلت عينيك؟! أجبت تلك الدموع: إن قسوة الزمان أقوى فلم أعد أدري ماذا أفعل مع ركامات الخوف والحزن.. تفجرت دموع الأسى من قلبي وأغرقت وجهي بالهم فقيدني الزمان ليقطع عني اسباب العيش ويرميني وسط بركان هائج من البشر بعضهم ظالم ليس له سوى لغة واحدة.. إنها لغة المال.. فإن كنت ذا مال أو جاه فلك جلّ التقدير وإن لا فسوف تتقطع أوراقك وتذبل وسط هذا الركام الاجتماعي الغريب. فيا أوراق عمري: ماذا حلّ بك.. أتقبلين كل هذا الهوان؟!. وهل سأبقى وردة محنطة في عمر الزمان. تساءل بدهشة: إلامَ ننظر إلى هذا العالم عبر عيون سوداوية تحجب الحقيقة الصادقة.. لماذا ننظر إلى نصف الكأس ونترك نصفه الآخر.. فمثلما عايشنا من بني جلدتنا الظالمين فإن بهم ايضا طيبين يحبوننا ويخشون علينا حتى ولو لم نشعر بهم.. معاناتنا ليست نهاياتنا.. بل هي شرارات نجاحاتنا لننطلق الى عوالم العطاء.. إن لم يكن بأيدينا فبأيدي ابنائنا.. أليس كذلك؟ صمتت وأعرضت صفحا، ثم قالت: لكل منا وجهته وكوّته التي ينظر عبرها إلى هذا المحيط الهادر. مها خليل عبدالقادر رضوان