ذهب الباحث والمؤرخ فايز بن موسى البدراني إلى عدم مصداقية ما يُروى ويشاع عن وجود معمرين تجاوزت أعمارهم حاجز ال 110، مشيرًا إلى أن وجود ذلك في تراثنا الثقافي قديما وحديثا يعود إلى ثقافة التلقي السائدة، ونقل كثير من الرواة إلى مبالغات كبار السن الذين عادة ما يبالغون في ذكر أعمارهم إما لطلب الشهرة أو الوجاهة أو استدرار العطف ولفت الأنظار. وقال البدراني والذي قدم ورقته في صالون «الوادي المبارك» في نادي المدينة الأدبي قبل يومين تحت عنوان «روايات المسنين وأخبار المعمرين، سلطة الرواية وغياب إثبات» بحضور رئيس نادي المدينة الأدبي الدكتور عبدالله عسيلان وعدد واسع من المثقفين، أنه سبق وأن التقى خلال ثلاثة عقود بما يقارب 300 من كبار السن وتابع الكثير عنهم في وسائل الأعلام حيث توصل إلى أن كل ما يشاع عن وجود معمرين وصلت أعمارهم إلى 110 عامًا أمر غير صحيح، وقد بُني عن إخباريات خاطئة. ورقة البدراني أثارت عددًا من المداخلات، بدأها المشرف على صالون «الوادي المبارك» عضو هيئة التدريس بالجامعة الإسلامية الدكتور هاني فقيه والذي استغرب من تفريق المؤلف بين مصلح «العمر» وبين مصطلح «السن» كما ورد في مقدمة كتابه، مشيرا إلى أن ما جاء به المؤلف لم يسنده أي كتاب من كتب اللغة أو عالم مختص فيها، كما أن جوهر كتاب البدراني يقوم -كما ذهب فقيه- على إنكار كل ما يُروى من تجاوز بعض الناس للمئة والعشرين عامًا حيث إن المؤلف يعتقد بطلان تلك الروايات وعدم صحة ثبوتها وكان من الواجب عليه أن يجيب عما ورد في القرآن من أن نوحا -عليه السلام- تجاوز عمره التسعمائة عام حيث اكتفى بالرد على هذا الإشكال بالقول: والأنبياء لن نخوض فيما يقال عن أعمارهم. ورد الباحث فايز البدراني على مداخلة رئيس قسم الفقه بالجامعة الإسلامية الدكتور عبدالله الشريف الذي قال له: أخشى أنك متأثر بالمدرسة التشكيكية وسقت هذه المدرسة لتراثنا الإسلامي وأخشى أن يلحق في الثوثيق التاريخي وندخل في إطار أنه لا يصح شيء يخالف العقل، فرد البدراني: لا تخف فأنا بنيت دراستي من واقع تجارب ميدانية ومن قراءة عميقة في المحال الطبي والتاريخي وكذلك سجلات موسوعة «جينيس» وبالاعتماد على دراسة في علم الخلية. وطالب البدراني من يؤلف كتابًا في الأعمار بضرورة أن يكون قد مارس التاريخ طويلًا ونظر كذلك في تراجم الناس كثيرًا ووقف عند مواليدهم ووفياتهم. وكان معظم الحاضرين قد طالبوا البدراني بأن يختم بحثه ودراسته حول نفيه أن الجزيرة العربية تحوي معمرًا تجاوز 110 أعوام بقوله: هذا ما علمته أو توصلت إليه من خلال بحثي أو هو حد اجتهادي، كما هو حال المنصفين من الذين سبقوه في البحث والتأليف بدلا من إعطاء نتائج حتمية. كما عاتبه أحد الحضور باستخدام المفردات العامية ببعض مؤلفاته ومنها كتابه «روايات المسنين وأخبار المعمرين- سلطة الرواية وغياب إثبات-» الذي دارت حوله المحاضرة.