افتتح معالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بعد مغرب يوم أمس الاول الجمعة سلسلة المحاضرات العلمية عن الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله- والتي ينظمها مركز الدعوة والإرشاد بمحافظة جدة بالتعاون مع الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة بجامع خديجة بغلف وتستمر لمدة سبعة أيام متتالية، حيث استعرض معاليه «بناء الدولة في دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب و ذكر أن القيادة لها حقوق وعليها واجبات ،وأنها تكون دائما لمن فيه خير للأمة ، فالدولة لها محوران : الدين حيث تقوم بالعدالة والأمانة بين الناس والمساواة بينهم في الحقوق والواجبات. والقوة الدنيوية فالمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف ويجب أن يكون هناك حرص في أن يولّى على المسلمين الأخيار منهم وأن لا يكون هناك في الصدورمايولد الكراهية ويفكك البناء القوي كما حذّر معاليه من الإفتاء قائلا: من يفتي يجب أن يراعي ما بعد فتواه فيجب أن نخاف على ديننا لأنه أهم من الدنيا كما أوصى بالعلم قائلا: مما يوصى عن الإمام الشافعي محمد بن إدريس أنه قال أمرت بالعلوم ووجدت أفضلها في علمين.. علم الأديان وعلم الأبدان ثم تأملت فوجدت علم الأديان يصلح الدنيا والآخرة وعلم الأبدان يصلح الدنيا فأخذت بما يصلح الدنيا والآخرة . فالحكم الصالح له أسس ،وأساسه الأول هو العدل ، فالساسة يعتبرون الحكم صالحا اذا طبق فيه العدل أما في المنهج الديني ومنهج النبوة فلا يكون صالحا حتى يجتمع فيه أمران أولا العدل وليس العدل بين الناس فقط بل العدل في حق الله عز وجل بأن لا يعبد إلا الله ويحكم بما أنزل في كتابه الكريم مابين الناس ثم العدل مابين الناس فإذا اجتمع هذان الأمران كان هو العدل الإسلامي الصالح فبوجود العدل يتحقق الأمن والأمان لان شعور الإنسان في دولته عندما يجد العدل يشعر بالكرامة ويقوم بالأخذ والعطاء ، كما ينبغي القيام بحق الله عز وجل في العبادات كإقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها لأنها من سمات الذين مكّنهم الله عز وجل في الأرض ورضي عنهم وقال تعالى في كتابة الكريم « الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ» ، فمن أسسها أيضا أن يكون التشريع الذي يحكمهم تشريع واحد لأن التشريعات لو تعددت حدثت الخلافات والمحن بين الناس فالحكم بغير ما أنزل الله يؤدي إلى الفسق والعدول عن حكم الله تعالى فيه ظلم ومن الأسس التي تقام عليها بناء الدولة في المنظور العام الإسلامي أن الدولة لابد أن يكون لها قائد فهذه القيادة لها حقوق وعليها واجبات فاختيار القائد يكون دائما لمن فيه خيراً للأمة ، ومن الأسس أيضا أن يكون هناك سعي لقوة الدولة فلها محوران فالمحور الأول هو الديني وتكون بالعدالة والأمانة بين الناس والمساواة بينهم في الحقوق والواجبات أما المحور الثاني القوة الدنيوية فالمؤمن القوي خير من الضعيف ، ويجب أن يكون هناك حرص في أن يولّى على المسلمين الأخيار فالمسلمون لديهم نظام هو البيعة فالاختيار إذا وقع على أمامهم فبايعوه فهذه البيعة لها حقوق فإذا قام بها البعض سقطت عن البقية فمن أهم حقوقها عدم الخروج على من بايعوه فالإمام يجب الاجتماع عليه ويجب عليه أن يحكم الناس فيما أمر الله عز وجل، فلما قدم الإمام المصلح محمد بن عبدالوهاب كان شاباً ورحل إلى عدة بلاد منها مكة والمدينة والعراق والإحساء ووجد أن الأمة في وقته تحتاج إلى دعوة إصلاحية تجدّد لهم دينهم ووجد أنه في حاجة إلى أمير يعينه على نشر دعوته ويوفّر له القوة والحماية حيث أتفق في ذلك الوقت مع أمير العيينة الأمير محمد بن سعود سنة 1157ه فكان الاتفاق يؤسس لبناء دولة يجب أن تنظم وكان الخط العريض لهذه الدولة هو نبذ الشرك وإعادة الناس إلى السنة وتحكيم شرع الله عز وجل فأسست الدولة شيئا فشيئا وأقامت العدل في الأرض وحاربت الإفساد فيها . وأهتم الإمام محمد بن عبدالوهاب بالجهاد بالقرآن الكريم والعلم و أرسل العلماء والأمراء إلى اليمن والعراق وتركيا وبعث من طلابه محاورين حيث بعث أحد طلابه إلى مكة ليناقش علماءها ولقد أشاع رحمه الله العلم بين الناس وأوقف العادات والتقاليد في البادية وأعطى المرأة حقها في الميراث وغير ذلك وساوى بين الناس.مما جعل السمات المجتمعية في حياة الناس عدم احتقار بعضهم البعض بل المساندة فيما بينهم على البر والتقوى ويعينون ولاة أمرهم فهذا الأصل مهم لان البيئة التي نشأت فيها الدولة السعودية الأولى بيئة تعتز بالكرامة فكان من أسس بناء الدولة احترام الناس لبعضهم البعض لان هذا يقوي الكيان وأسس بناء الدولة الكبرى لأنه يعطي الكثير من الهيبة لأنه يجعلهم على قلب رجل واحد ويصمدون أمام الكثير من الهجمات فمن أرد خيرا بأمته ودولته وأمنه يهتم بأن لا يكون هناك ايغار في الصدور حتى لا تتولد الكراهية ويتفكك البناء القوى.. والتفرق نوعان: تفرق في الأبدان وتفرّق في الدين وكلاهما نهى الله عنه وفي نهاية المحاضرة كان للحضور بعض الأسئلة التي كان أولها : * ما نصيحتكم للدعاة الذين يخرجون للعوام من الناس بالفتاوى الشاذة كإباحة الأغاني والمعازف ومشاركة الكفار في أعيادهم ؟ - فرد معاليه قائلا : من يتكلم في الاجتهاد وهو مراقب الله تعالى وبدون رؤية لواقع معين ولا لرهبة فئة أو أرضاء لشخص فهذا له حكم المجتهد لكن وصيتي لإخواني الدعاة الذين يشاركون في الصحف والقنوات ومواقع الانترنت وغيرها أن بعض الأمور لا تحتاج إلى أن يعرّضوا دينهم للخطر فيها فالناس تكلموا في مثل هذا فكلامهم في العازف ومشاركة الكفار في أعيادهم. فشيخ الإسلام ابن تيمية له كتاب كبير بعنوان اقتضاء الصراط المستقيم يتحدث فيه عن أعياد المشركين ولا ينبغي الكلام فيه كما أن الأئمة الأربعة اتفقوا على أن لا يجوز مشاركة الكفار وتهنئة الكفار في أعيادهم الدينية أما الأعياد الدنيوية فهي محل اختلاف العلماء فمن يفتي في ذلك يجب أن يراعي ما بعد ذلك فربما تأتي بعد ذلك مشاركتهم في هذه الأعياد ويترتب على هذه المشاركة شيء آخر ، فيجب على من يتكلم في دين الله أن يراعى مآلات الفتوى ولا يتصور أن هذا بسيط فمثلا من يتكلم عن حكم الأغاني فإذا كان العلماء قبل خمسين عاما كتبوا فيها عندما بدأت تنتشر أن سماعها حرام بما جاء فيه من الأدلة ويجب على من يبيح شيئا أن يوضح الصورة التي رآها للجواز فيجب أن نخاف على ديننا وأنا أنبه الإخوان أن يحرصوا على دينهم وآخرتهم لأنها أهم من دنياهم . * هل الدعوة السلفية تصلح لكل الأزمان ؟ - قال إن الدعوة السلفية دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وهو لم يدع إلى منهج جديد فكل ما جاء به من كتاب التوحيد وما جاء به الأئمة لكنه أبرز ما يتعلق بالشرك والبدع ولقد جاء في الحديث أن الله يبعث كل مائة سنة من يجدد للأمة فهم دينها أو يجدد لها تدينها وأنما الدين واحد . * لماذا لا يكون هناك كتاب للعبادات يقرأ في جميع مساجد المملكة بعد إحدى الصلوات ؟ - رد معاليه أن كتاب رياض الصالحين يقرأ في معظم مساجد المملكة بعد صلاة العصر وهو كتاب يحتوي على أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وليس فيه اجتهادات بل يقوم الإمام بقراءتها وتوضيح ما يحتاج توضيحه للمصلين كما أن كتاب ابن كثير يقرأ أيضا ليبصر الناس في أمور دينهم .