الولايات المتحدة تختار الرئيس ال47    مع سباق البيت الأبيض.. من يهيمن على الكونغرس الأمريكي؟    "الصناعة والثروة المعدنية" تعلن فوز 11 شركة محلية وعالمية برخص الكشف في 6 مواقع تعدينية    الطائرة الإغاثية السعودية ال19 تصل إلى لبنان    سيناريو التعادل .. ماذا لو حصل كل مرشح على 269 صوتاً؟    مركز مشاريع البنية التحتية بالرياض يشارك في المنتدى الحضري العالمي الثاني عشر بالقاهرة    اليوم الحاسم.. المخاوف تهيمن على الاقتراعات الأمريكية    توقعات بهطول الأمطار الرعدية على 5 مناطق    المملكة تثري الثقافة العربية بانطلاق أعمال مبادرتها "الأسبوع العربي في اليونسكو" في باريس    أرباح «أرامكو» تتجاوز التوقعات رغم تراجعها إلى 27.56 مليار دولار    إشكالية نقد الصحوة    الاتفاق يواجه القادسية الكويتي في دوري أبطال الخليج للأندية    النصر لا يخشى «العين»    الهلال يمزق شباك الاستقلال الإيراني بثلاثية في نخبة آسيا    المملكة ومولدوفا تعززان التعاون الثنائي    المملكة تستحوذ على المركز الأول عالمياً في تصدير وإنتاج التمور    «التعليم»: 5 حالات تتيح للطلاب التغيب عن أداء الاختبارات    الأسمري ل«عكاظ»: 720 مصلحاً ومصلحة أصدروا 372 ألف وثيقة    الاختبارات.. ضوابط وتسهيلات    الاحتلال لا يعترف ب (الأونروا)    تركيا: نستهدف رفع حجم التجارة مع السعودية إلى 30 مليار دولار    «جاهز للعرض» يستقطب فناني الشرقية    «انسجام عالمي» تعزز التواصل مع المقيمين    12 تخصصاً عصبياً يناقشه نخبة من العلماء والمتخصصين بالخبر.. الخميس    «DNA» آخر في الأهلي    سلوكيات خاطئة في السينما    إعادة نشر !    المحميات وأهمية الهوية السياحية المتفردة لكل محمية    العلاج في الخارج.. حاجة أم عادة؟    الأمير تركي بن طلال يستقبل أمير منطقة الجوف    زرًعِية الشبحة القمح العضوي    مسلسل حفريات الشوارع    للتميُّز..عنوان    لماذا رسوم المدارس العالمية تفوق المدارس المحلية؟    تنوع تراثي    منظومة رقمية متطورة للقدية    الأمير عبدالعزيز بن سعود يتابع سير العمل في قيادة القوات الخاصة للأمن والحماية    غيبوبة توقف ذاكرة ستيني عند عام 1980    " المعاناة التي تنتظر الهلال"    في الجولة الرابعة من دوري أبطال أوروبا.. قمة بين ريال مدريد وميلان.. وألونسو يعود إلى ليفربول    نحتاج هيئة لمكافحة الفوضى    في شهر ديسمبر المقبل.. مهرجان شتاء طنطورة يعود للعلا    كلمات تُعيد الروح    قصص من العُمرة    1800 شهيد فلسطيني في العملية البرية الإسرائيلية بغزة    ربط الرحلات بالذكاء الاصطناعي في «خرائط جوجل»    الاستقلالية المطلقة    تشخيص حالات نقص افراز الغدة الدرقيه خلال الحمل    النظام الغذائي المحاكي للصيام يحسن صحة الكلى    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على مناطق المملكة حتى السبت المقبل    سعود بن بندر يهنئ مدير فرع التجارة بالشرقية    أمير تبوك يستقبل قنصل بنغلاديش    «تطوير المدينة» تستعرض التنمية المستدامة في القاهرة    وزير الدفاع يستقبل نظيره العراقي ويوقّعان مذكرة تفاهم للتعاون العسكري    السعودية تؤكد دعمها لجهود التنوع الأحيائي وتدعو لمؤتمر مكافحة التصحر بالرياض    قائد القوات المشتركة يستقبل الشيخ السديس        مقال ذو نوافذ مُطِلَّة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملتقى المثقفين: همسة إلى معالي الوزير
نشر في المدينة يوم 29 - 12 - 2011


في مقاله الرائع المنشور في صحيفة الحياة بعنوان «تساؤلات في زحمة المفكرين.. صفة من لا صفة لهم» تساءل الدكتور سعد البازعي عن مفهوم المثقف، ومن يمكن أن نُطلق عليه لقب مثقف؟ وكيف أضحى اللقب علاوة على لقب «مُفكر» سبيلا مستباحا لكل من ابتغى مجدا دون وجه حق، وأراد أن يُضفي على نفسه شيئا من المهابة والمكانة الاجتماعية، وتلك ظاهرة لا تستبين ملامحها إلا في ثنايا المجتمعات الجوفاء، التي يتشدق أبناءها بالمسميات، ويتوقف تفكير أفرادها عند حدود الظواهر من الأشياء. على أن الأمر مختلف جدا وفق إشارة الدكتور البازعي عند من أدرك حقيقة بواطن الأمور، وعمل جاهدًا على تصحيح مساره المعرفي، عبر متواليات متنوعة من التغيير والتطوير والتحديث، حيث أشار إلى أن مفهوم المثقف لدى أستاذ الفلسفة Gary Gutting يعني: «الشخص الذي كرس نفسه للتفكير ليس بوصفه أداة أو وسيلة لتحقيق أغراض عملية، وإنما بقصد المعرفة والفهم»، ويضيف بأن المثقفين هم الذين «يخبروننا أشياء نحتاج إلى معرفتها مثل: كيف تعمل الطبيعة؟ وكيف يعمل المجتمع؟ وما نحتاج إلى معرفته عن ماضينا، كيف نحلل المفاهيم؟ كيف نتناول الأدب والفن؟ كما أنهم يبقوننا في حالة حوار مع العقول الكبيرة في ماضينا». أمام هذا الوصف الدقيق، الذي تماثل معه عديد من علمائنا في مرحلة ازدهار التفكير العقلي خلال مرحلة ماضية، وتماسَّ معه عدد من مثقفينا في الوقت الراهن، يحق لنا أن نتساءل وبشفافية مطلقة: هل كل مَن في الساحة اليوم يُطلق عليه لقب مثقف؟ ناهيك عن وصف مفكر؟ بمعنى آخر: هل كل من كتب مقالا، أو أمسك بريشة، أو نظم قصيدة، أو طبع رواية أو كتاب، إلى آخر ذلك، يمكن أن نُعدَّه مثقفا؟ ألا يحتاج المصطلح إلى ضبط وتدقيق حتى يستقيم الأمر، ونتمكن من النهوض بساحتنا الثقافية إلى مدارجها التي نأمل أن تكون فيه؟. هذا ما عنيته حين أشرتُ في مداخلتي في ملحق الأربعاء الماضي إلى أهمية أن يشارك المثقف العضوي التنويري بحسب تعبير الفيلسوف الإيطالي غرامشي، في نقاشات مختلف الملتقيات الثقافية، باعتباره أحد الفاعلين لعملية التغيير والتحديث المأمولة والمنشودة، ولكونه من القادرين على أن يتفاعل بإيجابية مع مجريات حلقات النقاش خلال تلك الملتقيات؛ وعلى هذا كان انتقادي لعناوين الملتقى التي جاءت في أغلبها استنساخا لعناوين الملتقى الأول، بل إن أحد تلك العناوين قد استأنس الحديث عن الموسيقى والفنون الشعبية بالرغم من أننا كمجتمع ثقافي لا نملك حتى اليوم معهدا متخصصا في الفنون الموسيقية، يهتم بحفظ الموروث الشعبي، ويقوم بتطويره ليتم تقديمه في حلة فنية حديثة، كما يعمل حاليا بجهوده الفردية الموسيقار غازي علي، وكما عمل سابقا بجهوده الفردية أيضا الموسيقار الراحل حامد عمر، ذلك المبدع الذي عمل بصمت المبدعين على تحويل تراثه الشعبي إلى مقطوعات سيمفونية يعزفها المبدعون من كل أنحاء العالم بآلاتهم الوجدانية تحت ظلال قباب الفن والجمال في موسكو وباريس ولندن، وأحسب أننا كنا ولا زلنا في حاجة ماسة إلى نقل تراثنا إلى العالمية، ليعلم الآخر أنّا أهل ذوق وجمال. كم كان أملي أن يدخل المثقفون في عصف ذهني لمناقشة عدد من العناوين الحاضرة على الساحة في الوقت الراهن: كدور المثقف السعودي في ظل المتغيرات المعاصرة، وهوية المثقف المعاصرة مقارنة بهويته خلال العقود السالفة، وطبيعة العلاقة بين المثقف وحركة الشباب، إلى غير ذلك من العناوين التي كانت ستسهم في تفعيل مثل هذه الملتقيات، وستخرج به عن نمطية الشكل الأكاديمي، فالمثقفون ليسوا بحاجة إلى من يُلقي عليهم المحاضرات، وإنما هم بحاجة إلى ورش عمل نوعية تناقش همومهم ومتطلباتهم وتطلعاتهم للمستقبل، هم بحاجة إلى حوار حقيقي مع الجهات الداعمة للفعل الثقافي والحاضنة له ابتداء بوزارة الثقافة وصولا إلى كافة المؤسسات الحكومية والأهلية المتعلقة بالأمر، هم بحاجة إلى ورشة للعصف الذهني لا حفلة للاسترخاء وتبادل الابتسامات. أخيرًا أعرف مسبقًا أن حديثي هذا لن يُرضِ البعض، لكنه سيعبر في المقابل عن وجهة نظر أخرى، لا أعرف حجم نسبتها ضمن أوساط المثقفين، غير أني أستشعر غيابها اختيارًا أو قسرًا عن الساحة، وذلك هو جوهر أزمتنا الراهنة على الصعيد الثقافي بوجه خاص.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.