أكد الدكتور عبدالعزيز خوجة، وزير الثقافة والإعلام، في كلمته التي ألقاها خلال افتتاحه فعاليات “ملتقى النقد الأدبي بالمملكة العربية السعودية”، أن الثقافة السعودية خرجت من عزلتها واتجهت طواعية إلى عموم الناس بعدما ظلت سنوات حبيسة الصفوف الأكاديمية والملتقيات النخبوية المحصورة على جمع من المثقفين وأساتذة الجامعات، وذلك بما يشبه التحليل الثقافي والاجتماعي. وبعد أن رحب الدكتور خوجة بضيوف الملتقى الذي نظمه النادي الأدبي بالرياض تحت عنوان “الشعر السعودي في رؤى النقاد: مقاربات ومُراجعات”، واصل قراءته للمشهد الثقافي بالسعودية، مبشِّرا بالتطور الهائل الذي تشهده الحركة الثقافية التي أسس القائمون عليها لوعي ثقافي وفكري خارج عن الأطر الضيقة: “لم يعد التفكير العلمي والنقدي حكرا على الأكاديميين وأقسامهم التعليمية المتخصصة، وانتهت المرحلة التي كانت خلالها القضايا والمفاهيم النقدية والفلسفية حقلا ضيقا ونخبويا بعيدا عن الحياة اليومية للناس الذين أصبحت تجري على ألسنتهم مصطلحات نقدية كالبنيوية والتفكيك وما بعد البنيوية”. واستبشر الدكتور خوجة بهذا الشيوع الذي اعترى الثقافة: “حتى لو أغضب هذا الأمر أهل الاختصاص ممن يطالبون بالانضباط في المصطلحات، لكنها ظاهرة طيبة ولها منافع كثيرة”. ومن خلال خبرته ومعايشته للواقع الثقافي في البلاد العربية، أكد الدكتور خوجة أن هذه الظاهرة فريدة على مستوى العالم العربي، فهي سعودية خالصة: “عشتُ في مركزين ثقافيين مهمين، هما المغرب ولبنان، لكن مسائل النقد والفلسفة والعلوم الإنسانية في البلدين كانت محل اهتمام المتخصصين، ورغم مئات الندوات والملتقيات التي تعقد في عاصمتي الدولتين، كان الحضور في أغلبه من أهل الاختصاص في حقول المعرفة، ولم يتحول حراكهم إلى أن يصبح ظاهرة ثقافية واجتماعية، كما هي الحال في المملكة”. وانتقل الدكتور خوجة إلى الحديث عما أسماه مباهج المدن الحديثة، أي المدن العالمية التي تتميز بكونيتها، في إشارة إلى تطور مدينة الرياض على المستوى الثقافي: “فإقامة حفل الافتتاح في مركز الملك فهد الثقافي هو خير معبر عن المدينة الحديثة التي تحقق مفهوم الإشباع الثقافي والفني، وتؤسس لبروز مفهوم الصناعة الثقافية، فالثقافة لم تعد عملا إبداعيا خالصا في هذا العصر، بل تحولت إلى صناعة مستقلة لها شروطها ومقوماتها المتوافرة في الرياض”. واعتبر الدكتور خوجة أن الازدهار الثقافي الذي تعيشه الرياض والملتقيات الغزيرة التي تقام في جوانبها، خير دليل على تشكل مفهوم الصناعة الثقافية بالمعنى الذي يكفل للثقافة رفعتها ورقيّها: “إن دخول مفهوم الثقافة بمعناها الإنساني الواسع إلى قاموس الحياة السعودية المعاصرة يعني أننا بتنا ننظر إلى الكون من حولنا بطريقة مختلفة، وهي مسألة إيجابية جدا”. ولم يُخفِ الدكتور خوجة سعادته الغامرة بهذا الملتقى الذي “سيسهم في تطوير الخطاب الأدبي في المملكة وسط هذا الحضور الكبير من مثقفي البلاد وأدبائها ونقادها”. وفي ختام كلمته، أشاد الوزير بالجهود الطيبة التي بذلها الدكتور سعد البازعي خلال فترة رئاسته للنادي، مثمنا فكرة تكريمه في الملتقى: “لقد أضاء النادي بفكره وثقافته، وعلينا قبل ذلك وبعده أن نقول شكرا لهذا الناقد والمفكر الدؤوب الذي عرفناه عاشقا لثقافة الصحراء وواقفا أبدا بأبواب القصيدة مطلا على مساحات الإبداع”. ثم ألقى الدكتور البازعي كلمة أكد فيها مكانة النادي في نفسه: “لا أزال أذكر دخولي إليه قبل 25 عاما، ولقائي بعبدالله بن إدريس، رئيس النادي في تلك المرحلة، إذ طالبته بأن ألقي محاضرة هناك”. وأكد البازعي أن علاقته بالنادي لن تتوقف: “فقد أدخل على الدكتور عبدالله الوشمي رئيس النادي الحالي من الباب نفسه لأطلب محاضرة أخرى”. ثم شكر البازعي نادي الرياض الأدبي ورئيسه وأعضاءه على تكريمهم ووفائهم له، كما شكر وزير الثقافة والإعلام بشكل خاص على حضوره الداعم والدائم لمحافل الثقافة. وفي نهاية الحفل، كرم الدكتور عبدالعزيز خوجة كلا من الدكتور سعد البازعي رئيس نادي الرياض الأدبي الأسبق، وإبراهيم الزويد، راعي ملتقى النقد الأدبي.