من آتاه الله حكمة ورجاحة عقل، وقدرة على تقييم الظرف الراهن الذي من خلاله يمكن استشراف المستقبل، يستطيع تحديد السبل التي توصل بسالكيها إلى بر الآمان، ولقد بدا ذلك جلياً في رؤية خادم الحرمين الشريفين عندما دعا إلى تجاوز مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وذلك في القمة الخليجية الثانية والثلاثين التي عقدت في العاصمة الرياض مؤخرا، وهذه الدعوة ليست بغريبة على الملك عبد الله، فهو رجل السياسة والقرارات الحكيمة، وهو حفظه الله يستند إلى خبرة ورصيد لا ينضب، يُمكنه من التعامل مع المتغيرات الطارئة بكل روية واقتدار، وقد احتوت كلمته الافتتاحية على قراءة واضحة للوضع الحالي الذي يشهد ثورات عربية، تتزامن مع تدخلات خارجية تريد استغلال المستجدات لتمرير أجندتها التخريبية ولأن قادة دول مجلس التعاون الخليجي دائما ما يتفقون ويجمعون على ما من شأنه مصلحة أوطانهم ومواطنيهم، تم الإعلان في ختام القمة الخليجية تبني مقترح خادم الحرمين الشريفين الرامي لتحقيق هدف استراتيجي مُهم، يتلخص بالتقدم خطوات إلى الأمام، نحو الاتحاد في كيان خليجي واحد، ومما لا ريب فيه إن الفرصة مهيأة لنجاح مثل هذا الاتحاد، فالروابط الدينية والثقافية والتاريخية والجغرافية التي تجمع دول المجلس كفيلة بما لا يدع مجالا للشك بتسريع تحقيق مرحلة الكيان الواحد، واجزم انه-بإذن الله- سوف يكون للكيان الخليجي القادم شأن عظيم، فما تملكه هذه الدول من ثقل سواء على المستوى العربي أو العالمي، إضافة لغنى مواردها الطبيعية وتقدمها في مختلف المجالات، حرى بجعلها قوة اقتصادية وسياسية مؤثرة ذات هيبة ومكانة مرموقة، تستطيع مواجهة التحديات بصلابة وثقة، وأخيرا، طالما أن قادة دول المجلس يواصلون سعيهم الحثيث نحو القمة وتؤازرهم الشعوب بذلك، فبالتأكيد لن تقف أمام تقدمهم أية حواجز أو عوائق. عايض الميلبي-ينبع