اعلن نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي، المتهم بقضايا "ارهاب"، انه مستعد للمثول امام القضاء في اقليم كردستان الشمالي، في وقت دعا قادة العراق الى عقد مؤتمر موسع لبحث الازمة السياسية المتفاقمة. وقال الهاشمي في مؤتمر صحافي عقده الثلاثاء في مدينة اربيل (320 كلم شمال بغداد)، كبرى مدن الاقليم الكردي "اقترح تحويل القضية الى اقليم كردستان وعلى هذا الاساس انا مستعد للمثول امام القضاء". وطالب الهاشمي، الشخصية السنية القيادية في ائتلاف "العراقية" الذي يقوده رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي، بان "يحضر التحقيق والاستجواب ممثلون عن الجامعة العربية ومحامون عرب من اجل ضمانة التحقيق". وجاء المؤتمر الصحافي للهاشمي بعدما اصدرت هيئة قضائية خماسية مذكرة اعتقال بحقه مساء الاثنين على خلفية "قضايا تتعلق بالارهاب"، بحسب ما اكدت مصادر قضائية وامني لوكالة فرانس برس. وبثت قناة "العراقية" الحكومية ما قالت انه "اعترافات لافراد حماية الهاشمي" بشأن ارتكاب "اعمال ارهابية"، قالوا انها كانت بتكليف من نائب الرئيس وأحد مساعديه الكبار. الا ان الهاشمي، الذي لا يتمتع بحصانة قضائية بحسب القانون، نفى التهم الموجهة اليه، وقال ان "القضية سياسية" وان الاعترافات التي جرى بثها "باطلة". وكان مصدر امني رفيع المستوى ابلغ فرانس برس الاحد ان "اللجنة القضائية الخماسية قررت منع سفر الهاشمي وعدد من افراد حمايته على خلفية قضايا تتعلق بالارهاب". وقد ارغمت السلطات العراقية الهاشمي على مغادرة طائرة مساء الاحد بسبب وجود مذكرتي توقيف بحق اثنين من حراسه الشخصيين، قبل ان يجري توقيفهما ويسمح لنائب الرئيس بالسفر الى اقليم كردستان. واعلنت قيادة عمليات بغداد الثلاثاء ان القوات الامنية "ملزمة" بتنفيذ امر القبض على الهاشمي "في جميع المناطق دون استنثاء". وتمثل قضية الهاشمي احد فصول الازمة السياسية المستجدة التي انزلق اليها العراق بالتزامن مع اكتمال الانسحاب الاميركي من البلاد صباح الاحد، بعد نحو تسع سنوات من اجتياح البلاد لاسقاط نظام صدام حسين. وقد اعرب البيت الابيض الاثنين عن "قلقه" حيال الازمة السياسية التي استجدت في العراق. ووسط تحذيرات من احتمال "انهيار العملية السياسية"، قرر ائتلاف "العراقية" (82 نائب من بين 325) الذي يقوده رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي الاثنين مقاطعة جلسات الحكومة (9 وزراء من بين 31) بعد يومين من اعلانه مقاطعة جلسات البرلمان. والهاشمي هو احد ابرز الشخصيات السنية المؤسسة "للعراقية". ودفعت الازمة المتفاقمة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الى الدعوة لعقد مؤتمر للقادة السياسيين. وقال علي الموسوي المستشار الاعلامي للمالكي ان "رئيس الوزراء يدعو لعقد مؤتمر لرؤساء الكتل والزعماء السيساسيين لبحث القضايا المختلفة وتوضيح الخلل الامني والسياسي في هذه المرحلة". وشدد في تصريح لفرانس برس على ان "الدستور سيكون المرجع الوحيد للحل"، مؤكدا ان رئيس الحكومة "لن يساوم على دماء العراقيين مهما كان الثمن". بدوره دعا رئيس البرلمان اسامة النجيفي قادة البلاد الى عقد "مؤتمر وطني عام في وقت تتعرض فيه العملية السياسية الى هزات عنيفة وصدمات خطيرة ليست محمودة العواقب". وتحدث في بيان تلقت فرانس برس نسخة منه عن "ايام عصيبة من تاريخ العراق"، معتبرا ان البلاد "تعيش في مناخات الانسحاب الاميركي وتقاوم ارتدادات وانعكاسات التطورات الاقليمية وبعض دول الجوار العراقي". وحذر من استمرار "الخطاب الطائفي وترويجه"، مطالبا القادة السياسيين بنبذ التناحر "العرقي والطائفي والخروج من التقوقعات الحزبية والفئوية والطائفية والعرقية". والنجيفي القيادي السني في ائتلاف "العراقية"، بحث اليوم مع السفير الاميركي جيمس جيفري وممثل الامين العام للجامعة العربية ناجي شلغم والقائم بالاعمال البريطاني بيتر بوكسر، "آخر التطورات السياسية والاوضاع الامنية الجارية" على الساحة العراقية، وفقا لمكتبه الاعلامي. وكان الرئيس العراقي جلال طالباني اعلن في بيان نشره موقع الرئاسة العراقية ان التطورات المتسارعة في البلاد وبينها مذكرة التوقيف الصادرة بحق الهاشمي جرت "من دون التشاور والتخابر" معه. ودعا الى "توفير البيئة المناسبة للعمل السياسي الهادئ والمستقر الذي يضمن عدم تعريض البلد وعمليته السياسية الى اية اضرار جانبية في هذا الوقت العصيب". كما حذر رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني الاثنين من "انهيار" العملية السياسية على خلفية الازمة المستجدة، داعيا الى عقد "مؤتمر وطني عاجل". ويذكر ان الزعيم الشيعي مقتدى الصدر سبق وان دعا القادة العراقيين الى التوقيع على "ميثاق شرف"، وقد تسلم بارزاني من وفد من التيار الصدري اليوم نسخة عن مبادرة الصدر هذه.