وصف سماحة المفتي العام، رئيس هيئة كبار العلماء ورئيس اللجنة الدائمة للإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ حجم نسبة العنوسة في المجتمع بأنها «نذير شر وبلاء ومصيبة»، وقال إذا كانت التقارير التي نسمع عنها عن هذه الظاهرة سواء كانت دقيقة أو مبالغًا فيها فإنها تدق ناقوس الخطر ولابد من إيجاد حلول لها، وقال سماحته إن ظاهرة العنوسة وإعراض الشباب عن المجتمع مشكلات موجود ة وواقعية ولكننا لم نقدم الحلول لها، ولم نسعَ إلى إيجاد حلول لهذه المشكلات محملا المسؤولية على الجميع كل حسب نطاق ولايته، مضيفا أن هناك العديد من المغريات والملهيات والمثيرات التي تجذب الشباب وتشغلهم وتحاول جرهم إلى الشهوات المحرمة، مطالبا بنظرة واقعية دون مبالغة لهذه القضايا الشائكة وتضافر الجهود المجتمعية مع أهل التقى والصلاح لحلها. جاء ذلك في خطبة الجمعة التي ألقاها سماحة المفتي العام في الجامع الكبير بمنطقة قصر الحكم بوسط الرياض أمس وخصصها للحديث عن الزواج ومشكلات العنوسة واسبابها وكيفية معالجتها وايجاد الحلول الواقعية لها. وقال المفتي العام إن للنكاح مقاصد متعددة أبرزها أنه يوافق شرع الله وهدي الأنبياء والمرسلين وعلى رأسهم محمد صلى الله عليه وسلم، وفيه نهي عن التبتل «الامتناع عن الزواج» وإعفاف للنفس وإرضاء للغريزة بالطريق الشرعي، لأنه لا يمكن كبح غريزة في النفس البشرية ولا يستطيع الإنسان التغلب عليها إلا بالطرق المشروعه، أما كتمانها وكبتها فإنه يسبب القلق، وأن الإسلام جاء لينظم هذه الغريزة، وأكد سماحته أن الزواج يحمي المجتمع من الآثار المدمرة التي قد تترتب على الأعراض عن الزواج من الشباب والفتيات، وقال: إن حصول العنوسة في النساء وزهد الشباب عن الزواج يولد مشكلة خطيرة، لأن من لا يتزوج سيبحث عن إرضاء الغريزة بالطرق غير الشرعية، وهو يتسبب في جميع المشكلات. وتناول المفتي العام وسائل العنوسة ومنها امتناع بعض الفتيات عن الزواج بدعوى إكمال مراحل التعليم كلها، حتى المراحل العليا، وقال إن هذا تصور خاطئ، فالزواج لن يكون حائلا بينها وبين إكمال تعليمها العالي بل قد يكون في الزواج عونا لها على ذلك، وطالب سماحته الأمهات والآباء بعدم التأثير على بناتهن وموافقتهن على الزهد في الزواج أو تأجيله، وقال على الآباء والأمهات والإخوة والأقارب ترغيب الفتيات في الزواج. ثم تطرق سماحته إلى غلاء المهور وكثرة نفقات الزواج والولائم والبذخ وقال إنها مشكلة كبيرة وفيها مشقة على الشباب، وتقف حائلا بينهم وبين الزواج، مطالبا بتكاتف أبناء المجتمع لحلها ويكون للخيرين دورهم في ذلك، كما تناول شروط الفتيات فيمن يتقدمون لهن بأن يكون ذا مال وجاه ومكانة اجتماعية، وأنهن يرفضن شبابا ذوي دين وخلق، وقال إن هذا تصرف خطير مطالبا بالاقتداء بسنة رسول الله وأن تقبل الفتاة من ترضى دينه وخلقه وأمانته، وأن يسأل الآباء والإخوة عن المتقدم ويستشيرون ثم تستخير الفتاة وتستشير. ووجه المفتي العام انتقادا شديدا لآباء وأولياء أمور الفتيات الذين يرفضون تزويجهن طمعا في مرتباتهن، أو اشتراط أن يأخذون رواتبهن نظير ما أنفقوا عليها طوال مراحل التعليم، وقال إن هؤلاء أعماهم الجشع والطمع الزائف، وهو دليل خسة ونذالة وطمع وخلق ذميم، أن يشترط ولي فتاة أن يأخذ راتبها نظير الموافقة على زواجها أو يرفض تزويجها لهذا السبب، كما انتقد رفض الفتيات الزواج بمتزوج بل قد نسمع صريخا وعويلا عندما تسمع الفتاة أن المتقدم لها متزوج، وقال سماحته إنه قد يكون في هذا الرجل الخير لها المهم أن يعدل وأن يكون ذا دين وخلق وأمانة، كما انتقد نظرة البعض للمطلقات وعدم الزواج بهن، والتقليل منهن، مطالبا بتصحيح هذه التصورات الخاطئة فما ذنب المطلقة إذا كانت تزوجت برجل أساء معاملتها أو طلقت لعيوب في زوجها، وأكد سماحته أن الطلاق ليس عيبا يمنع الزواج بها، كما حذر الشباب الذين يتهربون من الزواج ويؤجلونه إلى الثلاثينات والأربعينات بدعوى عدم تحمل المسؤولية، وأنهم يريدون أن يكونوا احرارا بلا زواج، مشيرًا إلى أن هذه نظرة خاطئة، مطالبا بالحذر من المثبطين عن الزواج.