قبل بضعة أيام احتفلت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بالذكرى 44 لانطلاقتها، وأمس احتفلت حركة حماس بالذكرى 22 لانطلاقتها، وبعد بضعة أيام، تحديدًا مع بداية الشهر المقبل ستحتفل «فتح» بالذكرى 46 لانطلاقتها، وبحسبة بسيطة سنجد أن مجموع سنوات الانطلاقات الثلاث يساوي 112 عامًا من المقاومة والكفاح المسلح، والانتفاضات، والنضال السياسي بما في ذلك المقاومة السلمية والمفاوضات والاتفاقيات يفترض أنها كافية لتحقيق الحلم الفلسطيني في التحرر والاستقلال وفك أسر القدس وإعلان الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشريف، لكن مع الأسف الشديد، فإن تلك السنوات الطوال التي سقط خلالها آلاف الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى والمعتقلين والمبعدين مضت، ولا يزال هذا الحلم برسم التأجيل. المراقب لاحتفالات الفصائل الفلسطينية الأكبر على الساحة الفلسطينية (النضالية) لابد وأن تنتابه الدهشة للحشود التي خرجت إلى ساحات الضفة الغربية وقطاع غزة، للاحتفال بذكرى تلك الانطلاقات، ولاسيما لحشود الشبان والفتيان والأطفال الحمساويين وهم يحملون علم الحركة لا علم الدولة. كان المؤمل أن تستغل الفصائل الثلاث هذه المناسبات في مراجعة مع النفس ومراجعة للحسابات والتساؤل ماذا تحقق للشعب والقضية والقدس خلال تلك السنوات، وماذا لم يتحقق، ولماذا؟. من شاهد حشود الأيام القليلة الماضية في ميادين رام اللهوغزة لابد وأن يعتقد أن فلسطين انتصرت وتحررت وأصبحت دولة رغم أنف بريجنسكي الذي قال يومًا وداعًا منظمة التحرير الفلسطينية، وجينجريش الذي قال بالأمس أن الشعب الفلسطيني شعب تم اختراعه. لنا أن نتصور كم كان ذلك رائعًا لو توحدت التنظيمات الثلاثة تحت لواء العلم الفلسطيني وشعار الدولة وتحرير القدس، والمناداة بتطبيق القرارات الدولية وحق العودة وإنهاء الاحتلال. متى يفهم قادة المنظمات الفلسطينية جبهة وفتح وحماس وغيرها أن لا وحدة للوطن بدون وحدة الشعب، وأن التنظيم – أي تنظيم – ليس أهم من الوطن، وأن الانتماء الحقيقي هو للأرض والتراب وليس للحزب أو الأيدلوجية، وأن المصالحة لا تعني تبادل المصافحات والقبلات والتوقيعات، وإنما الوقوف في جبهة واحدة مع حرية الوطن والدفاع عن ترابه ومقدساته لأنه لا حرية للإنسان بدون حرية الأوطان.