أكد رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل أن الحركة لن تفرط بشبر واحد من فلسطين من بحرها إلى نهرها، ومن شمالها إلى جنوبها، داعياً إلى إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية، والتوافق على برنامج سياسي مشترك. ووجه مشعل في كلمته خلال احتفال «حماس» بذكرى انطلاقتها ال25 رسائل في كل الاتجاهات، من بينها رسائل إلى الداخل، وأخرى إلى الخارج، وثالثة لدول عربية، ورابعة لإسرائيل، وخامسة للمجتمع الدولي، وغيرها. وخاطب قادة الفصائل، قائلاً: «مستعدون للتوافق السياسي فلسطينياً وعربياً على برنامج سياسي مشترك تتقاطع فيه برامجنا، ونؤسس لبرنامج القواسم المشتركة». وأضاف بكلمات تبعث روح الوحدة والتفاؤل: «كما تقاطعنا في الماضي، تعالوا نتفق، نعمل في برنامج وطني مشترك، حتى وإن اختلفت البرامج لدينا، نشتغل في مشروع واحد، لكن أي مشروع وطني ينبغي ألا يكون على حساب ثوابتنا: الأرض والقدس وحق العودة والمقاومة، من دون تفريط بشبر من فلسطين أو اعتراف بإسرائيل». ودعا إلى إعادة النظر في المسار السياسي التفاوضي «ونبحث عن خياراتنا المفتوحة ونراهن على المقاومة، فالمقاومة ستظل العمود الفقري لبرامجنا». وشدد على أنه «بعد معركة غزة، آن الأوان لطي صفحة الانقسام وبناء الوحدة الوطنية الفلسطينية، ومن يظن أن الانقسام مصلحة يخطئ». وقال: «المصالحة المصالحة، الوحدة الوحدة، وحدة النظام السياسي... تعالوا نبنِ وطننا، وننظر إلى المقاومة باعتبارها سنداً وخياراً استراتيجياً». واعتبر أن «التحرير أولاً ثم الدولة، والدولة الحقيقية دولة التحرير وليست دولة المفاوضات، لا بديل عن دولة فلسطينية حرة ذات سيادة حقيقية على كل أرض فلسطين، أما السلطة فهي واقع نتعامل به ونديره معاً لنخدم شعبنا، ولنسهر على حقوقه، ولنجعل مشروع السلطة جزءاً خادماً للمشروع الوطني الفلسطيني». ووصف حصول فلسطين على عضوية الأممالمتحدة بصفة مراقب بأنها «خطوة صغيرة لكنها جيدة، نريدها أن تكون مع نصر غزة دعماً للمصالحة، وخادمة للبرنامج الوطني باستعادة الأرض والقدس وعدم التنازل عن الثوابت». ورأى أن «مصر العزيزة، وبرعاية الرئيس محمد مرسي، ستكون راعية الوحدة الوطنية قريباً». فلسطين كلها عربية وشدد مشعل على أن «فلسطين كانت ولا تزال، وستبقى عربية إسلامية، انتماؤها عربي إسلامي، لنا لا لغيرنا، ولا يمكن أن نعترف بشرعية احتلال إسرائيل لها، لا شرعية لإسرائيل مهما طال الزمن، فلسطين لنا لا للصهاينة». وأظهر تشدداً لافتاً وهو يخاطب مئات الآلاف من أنصار الحركة، وقال إن «كل ما طرأ على فلسطين من احتلال واستيطان وتهويد وسرقة للتاريخ وتزوير للمعالم كله باطل وستكنسه المقاومة، وإن تحرير فلسطين كل فلسطين واجب وحق وهدف وغاية وهي مسؤولية الشعب والأمة العربية والإسلامية». وبعدما دعا في حفلة توقيع اتفاق المصالحة في القاهرة قبل عام ونصف العام، إلى المقاومة الشعبية، قال أمس إن «الجهاد والمقاومة المسلحة هما الطريق الحقيقي والصحيح للتحرير واستعادة الحقوق ومعهما كل أشكال النضال السياسي والديبلوماسي والجماهيري والقانوني، لكن لا قيمة لكل ذلك من دون مقاومة مسلحة، فالسياسة تولد من رحم المقاومة، والسياسي الحقيقي يولد من رحم البندقية والصاروخ»، مشيراً بيده إلى مجسم صاروخ «إم 75». ودعا السياسيين العرب والمسلمين إلى «أخذ الدرس من غزة، فمن يرِد أن يتحرك في دروب السياسة فعليه أن يستند إلى بنية المقاومة». وقال: «مدينون إلى قيادة الأجنحة العسكرية الفلسطينية، بوركت أيديكم، هذا فخرنا». وأردف أن «الوقائع أثبتت أن الجهاد والمقاومة خيار ذو جدوى، خيار منجز يمكن الرهان عليه، وليس خياراً وهمياً، ليس سراباً، لا والله، المقاومة ممسوكة باليد، منظورة بالقلب، مرئية بالعين، تدب على الأرض تبعث النور لشعبها والنار على عدوها». ولم يغلق مشعل الأبواب أمام أي عمل ديبلوماسي يكون بديلاً من المقاومة، قائلاً: «إذا وجد العالم طريقة ليس فيها مقاومة ودم تعيد لنا فلسطينوالقدس والعودة وتنهي الاحتلال فأهلاً وسهلاًً»، موجهاً حديثه إلى إسرائيل قائلاً: «جربناكم 64 عاماً ولم تفعلوا شيئاً، فإذا ذهبنا للمقاومة فلا تلومونا، لو وجدنا طريقاً آخر ليس فيه حرب لسلكناه، لكن السنن الكونية تقول إنه لا نصر ولا تحرير من دون تضحيات ودماء». وخاطب اليهود والإسرائيليين قائلاً: «لا نقاتل اليهود لأنهم يهود، لكن نقاتل الصهاينة لأنهم معتدون محتلون، وسنقاتل كل من يحاول أن يحتل أرضنا، ويعتدي علينا وينتهك مقدساتنا، المشروع الصهيوني، باعتباره مشروعاً عنصرياً بغيضاً توسعياً احتلالياً، هو ليس عدو الشعب وحده، لكنه عدو الأمة والإنسانية». القدس روحنا وعن القدسالمحتلة، قال: «هي روحنا وتاريخ ذاكرتنا ماضينا حاضرنا مستقبلنا، عاصمتنا الأبدية نتمسك بها، سنحررها شبراً شبراً وحياً حياً وحجراً حجراً، ولا حق لإسرائيل في القدس». وزاد: «حق عودة كل اللاجئين والنازحين والمبعدين إلى أرض فلسطين، إلى المدن والقرى والأحياء، في غزة والضفة و48، حق مقدس، كل شبر من أرضنا نحن أصحابه، لنا فيه ذاكرة وتاريخ مقدس لدينا ولا تفريط فيه». وسعى إلى طمأنة دول عربية، خصوصاً الأردن ولبنان، من خلال التشديد على أنه «لا توطين ولا وطن بديلاً، ولا غنى عن فلسطين، لا بديل عنها، يا أهل الأردن، الأردن عزيز علينا، لكن فلسطين هي فلسطين والأردن هو الأردن، ويا أهل لبنان لا تتعبوا أنفسكم بالخوف من توطين اللاجئين، كل فلسطيني لا يستغني عن ذرة تراب من فلسطين». كما طمأن المصريين بالقول إنه «لا يحق لأي إعلامي أو سياسي مصري أن يتحدث عن نوازع أو اتهامات لفلسطينيين بنية الامتداد إلى سيناء، ليس الشعب الفلسطيني الذي يغادر أرضه إلى أرض أمتنا، لقد رأيتم أبناء غزة في الحربين الأخيرتين والتدمير فوق رؤوسهم، كانوا يعودون إلى غزة ولا يخرجون منها، كفى يا إعلام مصر، اتقوا الله في مصر وفلسطين، لم يأتكم من غزة إلا الخير على مدار التاريخ». المنظمة مرجعيتنا وشدد على ضرورة «وحدة النظام السياسي الفلسطيني، وحدة مؤسساته، نحن سلطة واحدة، ومرجعية واحدة، ومرجعيتنا هي منظمة التحرير التي نريدها أن تتوحد وتضم جميع القوى ويُعاد بناؤها على أسس صحيحة لتكون مظلة للكل في الداخل والخارج». وعن خوف «حماس» من أن تخسر في أية انتخابات عامة في المستقبل، قال: «نحن مع الذهاب إلى الانتخابات وصناديق الاقتراع، الشجعان لا يخشون الاحتكام إلى صناديق الاقتراع، الواثقون بأنفسهم لا يخافون العودة إلى شعبهم، هذه هي الديموقراطية، لكن نريدها على أصولها». ونفى التدخل في شؤون الدول الأخرى أو التبعية لأي دولة، وقال: «لا نتمحور مع أحد، ولسنا تبعاً لأحد، لم نكن في الماضي تبعاً لسورية وإيران، واليوم لسنا تبعاً لمصر وقطر وتركيا، بل نحن معهم وهم معنا، الأحرار لا يعملون في مواقع التبعية، ونحن نقدر كل من دعمنا، ولا ننسى فضل أحد». وبثقة عالية عززها صمود الشعب الفلسطيني و «حماس» أمام الجيش الإسرائيلي في حربين على غزة، خاطب مشعل المجتمع الدولي قائلاً: «أدرك نفسك، لقد ظلمتنا، قصرت في حقنا، انحزت لإسرائيل، صمت على الجرائم، أيقظ ضميرك بعض الوقت»، مستدركاً أن «الدول الكبرى لا تزال منحازة لعدونا، أدرك نفسك، الشعب والمقاومة سينتصران، راهِنوا على الطرف المنتصر». غزة عالم آخر وكان مشعل استهل خطابه بكلمات مفعمة بالمشاعر تجاه أهل قطاع غزة: «ماذا أقول لكم، والله إن المشاعر التي انتابتني وأنا أقترب من حدود غزة، ما إن دخلت هذه الأرض المقدسة حتى شعرت بأنني في عالم آخر، خفق قلبي، وانهمرت دموعي وطرت في السماء أحلق في هذا المجد الذي ساقه الله لنا». ووجه التحية إلى الشهداء والقادة العظماء، وقال: «غزة تحررت ببطولتكم وبطولة إخوانكم». كما وجه التحية إلى الأسرى في سجون الاحتلال، وأقسم: «والله لن يطول الزمن حتى نخرجكم من وراء القضبان لتعودوا لأرضكم، هذا العهد وهذا القسم ونحن أوفياء لكم إن شاء الله».