منذ أن طفا على السطح «كوننة» العالم بمعنى العالم القرية الواحدة من شرقها الى غربها ومن محيطها الى بحارها ومن جبالها الى وديانها اختلفت الاراء حول تحليل هذه الظاهرة فالبعض يرى ان الظاهرة أمركة العالم، أي نشر الثقافة الأمريكية بحيث تغلب على الثقافات المجتمعية الأخرى، ويراها البعض الآخر على انها الوجه الآخر للهيمنة الإمبريالية على العالم تحت الزعامة المنفردة للولايات الأمريكية، فهي ابشع واحدث صور الهيمنة الاستعمارية وثمة من ينظر إليها بمنظور أوسع، ملخصه أن العولمة تمثل عملية رسملة العالم، أي أن العولمة عملية يراد منها نشر مبادئ النظام الاقتصادي الرأسمالي وفرضه على عامة الأساليب الاقتصادية التي تتبعها المجتمعات الأخرى(العولمة الاقتصادية) في حين يذهب فريق رابع للقول بأن العولمة ظاهرة تنحو بالمجتمعات الإنسانية قاطبة نحو التجانس(التشابه) الثقافي وتكوُّن الشخصية العالمية ذات الطابع الانفتاحي على ما حولها من مجتمعات وثقافات مختلفة (العولمة الثقافية و ثقافة العولمة) ويعول أنصار هذا الفريق على جملة التطورات الهائلة الحادثة في قطاع الاتصالات والمواصلات بين المجتمعات الإنسانية المختلفة والتي أسهمت بشكل كبير في نشر ثقافات المجتمعات بخاصة المتقدمة والتي ترنو المجتمعات النامية بلوغ مستوى تطورها الصناعي والاقتصادي والعلمي، المفكر السيد ياسين فى كتابه افاق المعرفة فى عصر العولمة يرى ضرورة تحليل التراث الفكرى المعاصر، مشيرا إلى وجود خلافات شتى تدور بين العلماء والباحثين والمفكرين فى مختلف البلاد، حول تعريف العولمة،و يعرف ياسين بأنها التدفق الحر للمعلومات والأفكار والسلع والخدمات ورءوس الأموال بغير حدود ولا قيود». ويقول انه فى الواقع انه اذا اردنا ان نقترب من صياغة تعريف شامل للعولمة لابد ان نضع فى الاعتبار ثلاث عمليات تكشف عن جوهرها. ويتناول المفكر السيد ياسين أستاذ علم الاجتماع السياسى والباحث بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية، ظاهرة العولمة وهيمنتها على المناخ السياسى والاقتصادى والثقافى. مواصلا كلامه أن العولمة مرتبطة بثلاث عمليات رئيسية تكشف عن جوهرها، أولها تتعلق بانتشار المعلومات؛ بحيث تصبح متاحة لدى جميع الناس، والثانية تتعلق بتذويب الحدود بين الدول، والعملية الثالثة هى زيادة معدلات التشابه بين الجماعات والمجتمعات والمؤسسات. ويلفت ياسين إلى أن كل هذه العمليات قد تؤدى إلى نتائج سلبية لبعض المجتمعات وإلى نتائج إيجابية بالنسبة لبعضها الآخر.وقسم ياسين كتابه إلى أربعة أقسام وهىالمجتمع العربى فى مواجهة الحداثة، وتناول فى الثانى تجديد المشروع النهضوى العربى، وتناول فى الثالث عصر التناقضات الكبرى، وتناول فى الرابع والأخير إحياء فكرة النهضة العربية. ويقول السيد ياسين والذى يعد واحد من المفكرين المشغولين بالبحث فى العلوم الاجتماعية منذ قرابة الخمسين عاما بالتحاقه بمركز الاهرام للدراسات الاسترتيجية ثم مدير ا للمركز لسنوات طويلة ان العولمة اصبحت الظاهرة الابرز التى تهيمن على المناخ السياسى والاقتصادى والثقافى ونحن فى بداية القرن ال 21 السيد ياسين و يرى ان الباحثين قاموا بتحديد المواد والنشاطات التى ستنتشر عبر الحدود بفضل العولمة حيث قسموها الى ست فئات هى بضائع وخدمات وافراد وافكار ومعلومات ونقود ومؤسسات واشكال من السلوك ويطرح السيد ياسين المشكلات التى تثيرها كل فئة من الفئات السابقة متخذا انموذجا « الافكار والمعلومات « فالكتاب يرى انه يمكن القول ان عديدا من بلاد العالم الثالث تعانى فقرا فكريا ومتراكما مما يجعل قدرتها على التنافس الفكرى مع الدول المتقدمة محدودة وفيما يتعلق بالمعلومات فان نصيب دول العالم الثالث نصيبها من انتاج المعلومات العالمية جد محدودة مما يجعلها عالة على الدول المتقدمة بما فى ذلك من سلبيات ويمكن القول ان عصر العولمة ساعدت على تشكيل سماته الاساسية الثورة الاتصالية الكبرى فى مقدمتها الانترنت التى غيرت العالم تغييرا جوهريا فى طريقة اكتساب المعرفة وانتاجها على السواء وذلك لان مايطلق عليه مجتمع المعلومات العالمى الذى جاء بعد المجتمع الصناعى يقوم بتوفير المعلومات فى كل مجالات الحياة لكل مواطنى العالم بلا استثناء بفضل شبكة الانترنت وهو لايقدم المعلومات فقط وانما يقدم المعرفة ايضا ونعنى المعرفة الفكرية والكتاب يؤكد ان هذا التطور الحضارى المذهل اثر بشكل كبير على المعرفة العربية اكتسابا وانتاجا فعبر صورة الاتصالات اصبح هناك مايسمى ظاهرة التعليم عن بعد وهى ظاهرة يجب ان يستفيد منها المجتمع العربى فى ظل عجز المؤسسات التقليدية عن القدرة الاستيعابية للمتعلمين الكتاب يرصد ظاهرة اخرى كان للعولمة اثر فيها وهى ظاهرة الهجرة الى اوربا فى ظل ضيق سبل العيش للمهاجرين فى بلادهم الاصلية نتيجة غياب خطط التنمية المستديمة وشيوع الفساد بين النخب الحاكمة وعدم اهتمام تلك الحكومات بالنهوض بمجتمعاتها بل مساهمتهم فى نشر الفقر والبطالة وتصدير المشكلات للمجتمع بخلق فجوة كبيرة بين طبقات المجتمعات وبات فى الدول النامية اغنياء حتى الثمالة وفقراء تحت الارض مما دفع الشباب فى المجتمعات العربية بالهجرة الى الدول الاوربية وصارت هناك هجرات غير شرعية ادت فى كثير من الاحيان الى زهق ارواح الشباب فى عرض البحار او يقبض عليهم ويرحلون بعد ان استدان من اجل دفع نفقات سفر باسلوب غير شرعى وجعل انخفاض المواليد فى الدول الاوربية الحاجة الماسة الى عمالة اشبه ماتكون رخيصة ورغم ذلك تواجه هذه العمالة مصاعب كثيرة منها عدم تقبل اوربا لثقافة مغايرة لهم بدليل رفضهم النقاب والحجاب و رفضهم بناء المساجد لاقامة الشعائر الاسلامية والكتاب يطالب الدول العربية والاسلامية الى انتهاج سياسة ثقافية تنويرية تشرح للمهاجرين العرب ان المقاصد الاسلامية العربية تسمو وتعلو فوق التركيز على رفض المجتمعات الغربية للحجاب لان ذلك يعطى انطباع للاوربين ان العرب غير مندمجين فى ثقافتهم الاوربية ومجتمعهم الاوربى مؤكدا السيد ياسين انه يجب تكاتف الاجهزة المعنية تعلميا وثقافيا واعلاميا بان يكون هناك تخطيط حضارى فى الدعوة الى مذهب اسلامى وسطى ينعكس فى القيم والاتجاهات والسلوك والملبس بعيدا عن اتجاهات وعادات فات اوانها وتخطاها الزمن فى المقابل تحتاج اوربا الى التخطيط حضارى جديد يتفهم الاسلام باعتباره دين يحض على التسامح وليس فيه نزعات عدوانية ازاء الاخر وبالتالى ان اتخطيط الحضارى بين الجانبين يجب يعتمد على الحوار بين الحضارات وليس ماطرح صمويل هنتجون بنظريتة صراع الحضارات وهو الذى زعم ان صراع الثقافات قد بدا وان الحضارة الغربية سوف تدخل فى صراع مع الحضارة الاسلامية والحضارة الكو نفوشية وهى تتمثل فى صعود الصين اقتصاديا ةوقد روج هنتجون هذا تخوفا على المؤسسة الامريكية التى تحكم العالم.