اختلف المنشدون في الرأي حول جدوى استعارة المنشد للهجات أخرى في مجال الإنشاد غير لهجته المحلية، فاعترض عليها بعضهم بحجة إخفاق المنشد في إتقان أداء اللهجة الأخرى، وتبديد طاقته خارج لهجته المحلية التي يفترض يركز إبداعه فيها، إضافة إلى أن الإتقان لا يتاح سوى لعدد ضئيل من الموهوبين في التقليد، وأيدها البعض في إطار التقيد بضوابط تحفظ جودة الأداء، وطالبوا المنشدين الراغبين في الجمع بين لهجتهم ولهجة أخرى، التعلم على أيدي متخصصين من أصحاب هذه اللهجات وحبذوا لو كانوا منشدين، "الرسالة" استطلعت آراء المنشدين في الموضوع في تفاصيل الاستطلاع التالي : عبد الرحمن المصباحي: جدة في البدء اعترض المنشد الجسيس وقائد فرقة الدانة الفنية وعضو الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون محمد بكري، على استعارة بعض المنشدين للهجات تخالف لهجتهم الوطنية في أداء النشيد، وكذلك استعارة أناشيد لمنشدين من دول أخرى وأدائها بنفس لهجة المنشد الأصلي، وعلل وجهة نظره بأن الإنسان يبدع في فنه أكثر من غيره، وكذلك يبدع صوتياً وأدائياً في إطار لهجته أكثر من غيرها وهذه هي طبائع الأشياء . أداء أخرق وأضاف: هناك من لديهم القدرة على الإبداع في فنهم وفنون غيرهم، ولكن هؤلاء يشكلون نسبة ضئيلة للغاية، وغير متوافرة بكثرة، وإذا وجد من لديه القدرة على إتقان لهجة غير لهجته، بحيث ينعدم الفرق في الأداء بينه وبين أصحاب اللهجة، فتلك ولا شك موهبة يمكن أن تساعد المنشد على الانتشار والشهرة خارج القطر الذي ينتمي إليه، ولا وجه للاعتراض على مثل هؤلاء، وإنما الاعتراض على من يقدم على استعارة لهجات محلية لمنشدين آخرين صادفوا حظاً من الشهرة ثم يجيء أداؤه لها أخرق ومليء بالعيوب، فمثل هؤلاء لا يمكن الاستمتاع بأدائهم ولا يقدمون لأنفسهم أو لفن الإنشاد جديداً. إيجابية وسلبية من جانبه اعتبر الموزع الفني والمدير العام لمجموعة وصال الفنية محمد رباط، أن مسألة استعارة اللهجة يمكن النظر إليها من زاويتين الأولى إيجابية، والأخرى سلبية، والايجابي فيها إتاحة فرصة التنوع أمام المنشد بحيث يرضى أذواق شرائح كثيرة من الجمهور بما يكفل له الشهرة، والتنوع عامل جاذب للجمهور ليس في ذلك شلك، لاسيما وأنه يساعد على التعريف بخصوصية الذوق الفني لأصحابه، ويؤدي كذلك إلى إدخال مهارات جديدة على الأداء حتى بالنسبة للآلات المستعملة، أما السلبي فيكمن في تناثر طاقة المنشد وتوزعها بين لهجته المحلية واللهجات الأخرى ومن الطبيعي أن يركز طاقته على الإبداع في إطار لهجته المحلية، كما أن عدم إتقانه الشديد للهجة المستعارة سيعرضه إلى الاستياء من جانب الجمهور . عذوبة الفن وبدوره قسم منشد المجسات الحجازية المهندس أنس أبو الخير الموضوع إلى قسمين، الأول قسم المنشدين الذين يتقنون اللهجات الأخرى، ويتخصصون في هذه الألوان بحيث يصعب التفريق بينهم وبين أصحاب اللهجة الأصليين، كالذين يتخصصون في أداء الإنشاد المغربي، أو غيرها من الفنون فهؤلاء عادة ما يحرزون النجاح، ويحققون الشهرة، والثاني قسم المنشدين الذين يخفقون في إتقان اللهجات الأخرى، وهؤلاء يأتي أدائهم ممسوخاً يفتقر إلى عذوبة الفن وجاذبيته، ومن الأفضل للمنضوين تحت هذا القسم الامتناع عن خوض هذه التجربة لأنها مغامرة غير محسوبة. لون رائع ومن جانبه تحمس المنشد عبد السلام الوابلي لخوض المنشدين تجارب من هذا النوع وقال: لا شك أنه لون رائع ولكن إذا استغل ،بالطريقة الصحيحة، واستطاع المنشد أداءه على أكمل وجه دون إقحام ألوان أخرى لا تتواءم معه. ولفت إلى الانتباه إلى وجود صعوبة تواجه المنشد في تعلم لهجة أخرى، قائلا: بمثل ما نواجه صعوبة في إجادة التحدث بعدة لغات أخرى، فإننا لا نستطيع التقليد في المجال الإنشادي خاصة وأنه فن يحتاج إلى دقة، وكشف عن أنه استمع إلى تجارب كثيرة للمنشدين في هذا الصدد ولم تعجبه النتيجة في الكثيرة منها، في اقتصرت التجارب التي حازت على إعجابه على عدد قليل منها . اللجوء للتعلم وطالب برجوع المنشدين الذين تنشأ لديهم الرغبة في تعلم لهجات أخرى إلى أصحاب اللهجة من المنشدين والتعلم منهم حتى لا تكون هناك اجتهادات غبر مقبولة في مجال الأداء، فالتعلم يدفع المنشد إلى التقيد بالجدية في الخروج بنتيجة ايجابية. وأوضح الوابلي أن موضوع استعارة اللهجات في الإنشاد كغيره من الموضوعات له ايجابيات يمكن الاستفادة منها والعمل عليها، كاكتساب مهارة أدائية جديدة، وزيادة الشهرة، وله سلبيات يمكن الوقوع فيها، وأشار أن التقيد دائماً بالقواعد والضوابط هو الذي يضمن جودة النتائج .