(افهمني يا أستاذ) مؤلَّفٌ رائعٌ وشاملٌ، موجّهٌ إلى الآباء، والأمهات، والمعلّمين، يقع في 100 صفحة، لكنّ كلماته لا تزيد عن عدد كلمات هذا المقال إلاّ قليلاً، ربما 400 إلى 500 كلمة فقط لا غير، مع أنه يتضمن 42 عنوانًا أو فصلاً! كيف؟ لأن كل فصل يتضمن صورة على صفحة كاملة تعبّر عن فحوى العنوان، وكلمات موجزة قليلة (على الصفحة المقابلة) منتقاة بعناية، ونابعة من خبرة طويلة، وتجربة ثرية في ميدان التعليم، فالمؤلِّفان الفاضلان مرسا التعليم ومرسهما.. إنهما الأستاذان جمال سالم الحارثي، وسراج حسين فتحي (الكاتب في هذه الصحيفة)، وهما من أبناء (أو كهول) المدينةالمنورة على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم. من العناوين: (المعلم قدوة)، (احترام الطالب وتقديره)، (العنف ليس وسيلة تربوية)، (الابتسامة المشرقة)، (أثر الحوار الهادف)، (ثقة المعلّم في نفسه)، (فن الإنصات)، (مهارات الحياة)، وعناوين أخرى مشوقة جميلة. أعجبني الكتاب ليس لأني أنهيتُ قراءته في دقائق معدودة، بل لأن طريقة التناول مختلفة تمامًا، وغير تقليدية إطلاقًا. إنها باختصار نظرية (خير الكلام ما قلّ ودلّ)، والصورة المرفقة مع كل جملة تحمل دلالة معبّرة عن مشهد تربوي، أو تعليمي يتكرر في المدرسة باستمرار، لكن تتفاوت صور التفاعل مع هذا المشهد أو ذاك تبعًا لخلفية المعلم، ونفسيته، وفكره، وتربيته، بل وفلسفة المدرسة، أو إدارة التعليم نفسها. ومن هذه النماذج جملة (الابتسامة المشرقة مفتاح القلوب) مقرونة برسم يدوي لمعلمة تبتسم لتلميذتين متجاورتين. لا ضرورة لسرد المزيد من النصوص حتى لو كانت أحاديث، أو مأثورات، أو نظريات حديثة، إذ الرسالة وصلت، والصورة عبّرت وأوجزت، ولا عطر بعد عروس كما يُقال. الواقع يقول إننا في حاجة إلى المزيد من هذه المؤلَّفات البسيطة التي تدخل في فئة السهل الممتنع، لكنها لن تمتنع عن أفاضل مارسوا التعليم حبًّا ورغبةً، لا مجرد مهنة ووظيفة. ومن وجهة نظري، فإن من المناسب أن تهتم وزارة التربية والتعليم بهذه الأنماط من التفكير الإيجابي غير التقليدي والمختلف عن السائد، لأنها ببساطة أبلغ في إيصال الرسالة، وأشد أثرًا وفاعلية.