لا شك في أن الصحافة اليوم أفضل من السابق، وأكثر نضجًا وأجرأ، إذ لم تعدْ تكتفي بالولوج من الأبواب المشرعة، بل قادها تحيي المصداقية إلى اقتحام الأبواب الموصدة، وكشف الستائر المسدلة في سبيل أن ترى الحقيقة النور، وإن كانت قابعة في الظلام، حبيسة الأفواه الخائفة، أو الظالمة. ولا ريب في أن ما وصلت إليه الصحافة في الوقت الراهن من رقي وتتبع للحقائق، وترصد للأحداث -أفضل ممّا سبق- بفضل من الله ومنّه، ثم بفضل الملك القائد الرائد عبدالله بن عبدالعزيز، وانتهاجه للشفافية، ثم بفضل النفوس العظيمة التي أقسمت على نفسها أن تجعل من أقلامها سيوفًا مصلتة على الأعداء، ويدًَا حانية تأخذ بيد أبنائها إلى حيث الصلاح والفلاح، ولكن -وللأسف- أصحاب بعض هذه الأقلام من كتّابنا الذين نقر لهم -بعد الله- بالفضل، ونرفع القبعة لهم تحية وإجلالاً؛ لما قدموه من إسهام، وعطاء زاخر نافع، لم يسلموا من الوقوع في خطأ فادح -من وجهة نظري- كان من المفترض ألاّ يقعوا فيه، وهم المدركون لمعنى الحرية.. نعم يحتاج الكاتب لنطاق واسع من الحرية، تستوعب آراءه وأفكاره، ولكن (حرية أي شخص تنتهي حيث تبدأ حرية الآخر)، والانتقاد وإبداء الرأي حق للجميع، بعد إدراك معنى الانتقاد، وابداء الرأي حق الإدارك، حتى لا يذهب البعض الى التشكيك في نوايا العباد -المسلمين- وتغيير مقصودهم، وما يلي ذلك من قدح وتهكم بأناس عُرفوا بالصلاح لمجرد وقوعهم في خطأ يراه هو ذريعة ودليل قاطع كفيل بتجريم صاحبه! مازلت أذكر بعض المقالات التي علقت في ذهني، وتمنيت أن أصحابها لم يكونوا أصحابها!! ناهيك عن صغار الكتّاب الذين راحوا يحتذون القذة بالقذة، ضاربين بالأدب والعقل عرض الحائط -إلاّ مَن رحم ربي- فعوضًا عن أن تنتقد القول، أو الفعل انتقادًا بناءً أخذت تلتفت إلى الظن وتحليل نوايا العباد التي لا يعلمها سوى رب العباد لست بصدد الدفاع عن شخص ما، ولا تصيّدًا لزلات كتّاب عُرفوا -ومازالوا- بالرقي، والإبداع؛ ما دفعني هو رؤيتي للكتّاب -الناشئين- الذين درجوا على اقتراف الخطأ نفسه، ظنًا منهم أنهم يسلكون جادّة الصواب، وجُل ما أخشاه على الجيل الواعد بأن ينشأ في أحضان هكذا مقالات، تهدم لا تبني، تشطر المجتع إلى نصفين «معي/ ضدي»!.