ما بين حادثة حريق المتوسطة (31) بمكةالمكرمة الذي وقع في عام 1422ه وأدى إلى وفاة (15) طالبة، وحادثة حريق مدرسة الوطن بجدة الأخيرة والتي خلفت وفاتين وأكثر من (50) إصابة، ثمة تساؤلات لا تزال تتردد في أوساط المجتمع عن المسؤول عن غياب وسائل السلامة في المدارس. ورغم أن المدارس تعد من أكثر الأماكن المعرضة لكثرة الوفيات والإصابات في حالة حدوث حريق أو كارثة لا قدر الله؛ نظرًا لضمها أعدادًا كبيرة من الطلاب والطالبات ممن يفتقرون لأبسط مفاهيم السلامة إلا أنها لا تزال تقبع في مبانٍ مستأجرة ليست مهيأة لتواجد المئات من الطلاب والطالبات داخل أسوارها، ويفاقم من الوضع إحكام اغلاقها بالأسوار الحديدية وعوازل الحديد على نوافذها وأبوابها الخارجية وبخاصة مدارس البنات. (المدينة) فتحت ملف وسائل السلامة في المدارس ما بين مطرقة الغياب وسندان ضعف مستوى التخطيط. يري مدير مدرسة الفضيل بن عياض الثانوية عبدالواحد المغربى أن وسائل السلامة في مدراس البنين والبنات في مكة غير كافية مشيرًا بأن غالبية طفايات الحريق قديمة ولا تخضع للصيانة الدورية وقال مدير مدرسة بلال بن رباح المتوسطة عبدالرحمن مسفر الزهراني أن لديهم برنامجًا متكاملًا للتوعية بأمور ومتطلبات السلامة، يتم بثه للطلاب بين فترة وأخرى لبيان كيفية التعامل مع الأخطار في حال وقوعها داخل المدرسة خاصة وأن مبنى المدرسة مستأجر ويقع وسط حي سكني مكتظ وقد أثبتت الأيام أنها مثمرة ومفيدة، فقد سبق وان تعرضت المدرسة لحريق بسيط في إحدى الغرف وتم إخلاء جميع الطلاب في أقل من عشر دقائق بعد إطلاق جرس الإنذار، وطالب الدكتور خالد باجحزر وكيل مدرسة بلال بن رباح المتوسطة بتدريس نظام السلامة في جميع مراحل التعليم العام لافتًا الى أن برامج التوعية الوقائية المؤقتة لا تكفي ولا بد أن يكون لدى أبنائنا وبناتنا ثقافة شاملة عن أنظمة السلامة وكيفية الإسعاف والتعامل معها. ويشاركنا الرأي فلاح بن مرشد العتيبي (مرشد طلابي) قائلًا: غالبية مدارسنا إن لم تكن كلها تفتقر لوسائل السلامة ومن أبرزها أجهزة الإنذار المبكر الخاصة بكشف الدخان مشيرا إلى ضرورة تخصيص مخارج للطوارئ خارج أفنية المدارس على الشوارع الرئيسية المحيطة بالمدرسة. ودعا وزارة التربية والتعليم وإدارة الدفاع المدني لاتخاذ إجراءات حاسمة وعاجلة فيما يتعلق بوسائل السلامة في المدارس حماية لأرواح أبنائنا وبناتنا مشيرا إلى أن ذلك مسؤولية مشتركة يتحملها الجميع. تقاذف الاتهامات ويشير المعلم سالم بن حماد العميري إلى ضرورة إلزام المدارس والتي يزيد عدد طلابها أو طالباتها على (200) طالب بالتعاقد مع مؤسسات وشركات للسلامة بعقود سنوية مع بداية كل عام دراسي جديد لتأمين وسائل السلامة. وأضاف ان الجهات المختصة تلزم ملاك مساكن الحجاج التعاقد مع شركات السلامة خلال موسم الحج مشيرا إلى أن المدارس في حاجة ماسة لمثل هذه العقود لضمان توفير اشتراطات السلامة وأجهزة الإنذار المبكر علاوة على أن هذه الشركات المختصة بالسلامة ستكون هي المسؤولة في المقام الأول عن أي حوادث قد تقع لا قدر الله بدلا من تقاذف الاتهامات بين الدفاع المدني وإدارات التربية والتعليم. ويقول منصور الحجيلي (مدير مدرسة ابتدائية): بعض المدارس الأهلية والحكومية القديمة والتي يزيد عمرها على (40) عاما تفتقر لوسائل السلامة خاصة فيما يتعلق بمخارج الطوارئ وشبكات الإنذار المبكر مشيرا إلى ضرورة إعادة النظر في احتياطات السلامة في المدارس مع تنفيذ عمليات صيانة مستمرة ووضع خطط ملزمة لكل العاملين. واعرب عن اسفه لتقصير إدارة الدفاع المدني فيما يتعلق بإقامة الدورات التدريبية للمعلمين والمعلمات والطلاب والقيام بزيارات مستمرة للمدارس لمتابعة إجراءات السلامة والاشتراطات التي يتعين وجودها علاوة على تنفيذ خطط الإخلاء مرتين على الأقل في العام الدراسي الواحد مشيرا إلى اهمية ألا تزيد ادوار المباني المدرسية على دورين فقط. ودعا حجب العصيمي مدير مدرسة ابتدائية إلى الاستعانة بشركات مختصة للأمن والسلامة خاصة بالمدارس ذات الكثافة الطلابية العالية مشيرا إلى أن هناك قصورا فيما يتعلق بالدورات التدريبية الخاصة بالمعلمين والطلاب حول كيفية التعامل مع الحوادث. ويقول نزار بن عبدالله البركاتي (وكيل مدرسة ثانوية): لسنا في حاجة لنتحرك بعد وقوع أي كارثة في مدارسنا مشيرا إلى أن بعض المدارس تفتقر لوسائل السلامة سواء فيما يتعلق بالمعدات أو برامج التوعية الوقائية. وطالب بتكليف معلمين لمتابعة إجراءات السلامة وإقامة دورات تدريبية طوال العام وإعداد خطط للإخلاء في حالة وجود حادث بالمدرسة. وقال المواطن عبدالله سمران البنيان إن ما حدث في محافظة جدة يجب ألا يمر بسلام وعلى الجهات المسؤولة في وزارة التربية والتعليم فتح الملفات الشائكة لنظام السلامة في جميع المدارس ولعلها فرصة للقضاء على عشوائية المدارس المستأجرة. وقال البنيان ان أكثر مدارس مكة بلا سلالم طوارئ ووسائل سلامة ودائمًا عندما تقع الكارثة تتحرك كل الجهات. إدارة التعليم: خرائط إرشادية لمخارج الطوارئ في مدارس البنات اكدت ناهية محارب العتيبي مديرة إدارة الأمن والسلامة بالإدارة العامة للتربية والتعليم بمنطقة مكةالمكرمة تنفيذ خطط إخلاء مرتين في كل عام دراسي للمرحلة الثانوية والمتوسطة، وبالنسبة للمرحلة الابتدائية ورياض الأطفال يتم تنفيذها أكثر من مرة ليتم تعويدهم على خطط الإخلاء. واشارت إلى وجود دليل لصيانة المدارس وصحيفة إلكترونية وموقع لكل مدرسة ليتم التبليغ عن أي عطل ومتابعة ذلك لضمان سرعة الانجاز قبل وقوع أي حادث لا قدر الله. وأضافت أن الإدارة تشترط وجود خرائط توضح مخارج الطوارئ بكل مدرسة مشيرة إلى وجود عضوات مدربات من خلال شعبة السلامة وحماية البيئة لتنفيذ خطة تشغيلية للشعبة تتضمن محاضرات وورش عمل وتدريب ميداني على كيفية تنفيذ خطط الإخلاء. ولفتت إلى وجود فرق للسلامة داخل كل مدرسة برئاسة عضوة السلامة والفريق المساند لها من معلمات وطالبات حيث يتم تقسيمهم إلى مجموعات للإخلاء والإطفاء وإغلاق القواطع الكهربائية ومجموعة الاستقبال بحيث يتم التعامل مع الحدث بحكمة وحسن تصرف قبل وصول فرق الدفاع المدني. الجداوي: الأنشطة الطلابية في السطوح تعيق عمليات الإخلاء أكد مدير إدارة الدفاع المدني بمحافظة جدة العميد عبدالله جداوي أن الإدارة لا ترخص لأي مدرسة حكومية أو أهلية إلا بعد استيفاء اشتراطات السلامة التي تحددها المديرية العامة للدفاع المدني مشيرا إلى أن بعض المدارس للأسف الشديد تقوم بتخصيص الأسطح كمقرات لممارسة الأنشطة وهو ما يعيق عمليات الانقاذ. من جهته قال مدير إدارة الدفاع المدني المكلف بالعاصمة المقدسة العقيد خلف بن جازي المطرفي أن موضوع وسائل السلامة في المدارس من الموضوعات القديمة والتي سبق الحديث عنها عدة مرات مشيرا إلى وجود معاملات للمواطنين لديهم أهم من هذا الموضوع.