ما إن دخلت التقنية الحديثة مجال النشر وإصدار الكتب، حتى رافق ذلك صراع محتدم بين المنتج الورقي ونظيره الإلكتروني، حتى إن بعض الآراء ذهبت إلى القول بانتهاء عصر الكتاب الورقي، ومن ذلك الصحف أيضًا، وكل ما له علاقة بالكتابة المنشورة.. هذا الصراع قاد كثيرًا من الجهات إلى محاولة اللحاق بالركب التقني بإيجاد منافذ لها في الحيز الرقمي، حيث ظهرت بعض المكتبات الرقمية.. حاملة معها كثيرًا من الميزات الجديدة.. فالمكتبة الرقمية توصف بأنها المكتبة التي تحفظ جميع أو أغلب مقتنياتها على أشكال مقروءة آليًا كمتمم أو مكمل أو بديل للمطبوعات التقليدية ومواد المصغرات التعليمية التي تسيطر على مجموعات المكتبة، وهي تشكل مصادر المعلومات الإلكترونية الموجودة على الأقراص المدمجة أو عبر الشبكات المتنوعة كالإنترنت، وقد تحوي بعض المصادر التقليدية وهي تقدم خدمات راقية ومتقدمة للباحثين. كما تهدف المكتبة الرقمية إلى تسهيل عملية الاطلاع على المعلومات التي يبحث عنها الباحث أو المطلع، وكذلك اختصارًا لوقت الباحث؛ حيث يمكنه الإطلاع على مجموعة كبيرة من الكتب والمعارف والعلوم في وقت قصير، كذلك تساعده على الاطلاع على أحدث المعلومات والوصول إليها في أي مكان أو زمان في مدة وجيزة، كما أنها تساعد الباحث على التعرف على المعلومات النادرة. وفي بادرة هي الأولى من نوعها في المملكة العربية السعودية قام صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز نائب أمير القصيم، بتأسيس مكتبة رقمية خاصة، والتي أسسها من أجل خدمة العلم وطلاب العلم، مشروعًا علميًّا تقنيًا، يحتوي آلاف المراجع العلمية والشرعية والتاريخية والعلوم العامة، كما أنها تعد نموذجًا رائعًا للمكتبات الرقمية، فهي على مواضيع وطنية، وروابط علمية، وموقع لسيرة وتاريخ الملك عبدالعزيز، وكذلك سيرة وتاريخ الملك سعود رحمهم الله، ومجموعة كبيرة من الكتب في تخصص التاريخ والسياسة والأنظمة السعودية، وأحكام الشريعة، وعلوم اللغة، وقضايا الأسرة، والمجلات العلمية، والاقتصاد والجغرافيا والرحلات، كما تحتوي المكتبة الرقمية على المحاضرات المقروءة والمرئية، وكذلك موقع للشعر والشعراء، كما تشمل على أكثر من تسعين تصنيفًا وفهرسًا تتضمن العديد من أمهات الكتب في مختلف المجالات العلمية والثقافية، وأبرز النشاطات الاجتماعية والسياسية وقضايا الأسرة والعلوم الدينية والشرعية في مختلف مجالاتها، وكتبًا عن سيرة الملك عبدالعزيز، والملك سعود -رحمهما الله- ومواضيع توعوية ومؤلفات تعالج الهموم الوطنية والأمن الوطني والأمن الفكري وقضايا الإرهاب والمخدرات، بالإضافة إلى مناهج التعليم العام منذ السنة الأولى الابتدائية حتى نهاية المرحلة الثانوية، وكذلك راوبط كثيرة لمواقع علمية متميزة لمكتبات رائدة ومواقع مفيدة. دوافع الإنشاء ودافع الأمير الدكتور فيصل لإنشاء هذه المكتبة كشفه بالإشارة إلى أن معاناته وتعبه في البحث عن المراجع والمصادر العلمية في فترة من الفترات، وصعوبة الحصول على الكتاب والوصول إليه، والحاجة الماسة التي يجب أن يدركها شباب اليوم وطلبة العلم، كل ذلك دفعه لأن يحدث المكتبة الرقمية، التي تحوي آلاف المراجع العلمية والشرعية والتاريخية، مشيرًا إلى أن من إيجابيات إنشاء موقع المكتبة الإلكترونية التي تعد الأولى على مستوى المملكة أنها ذات فائدة لا تقف أمام الباحثين فيها حدود جغرافية أو زمنية. كما دعا الدكتور فيصل بن مشعل أي جامعة ترغب في وضع مناهجها أو ملازمها في المكتبة الإلكترونية، أو أي قطاعات أو وزارات أخرى في إضافة مواد علمية أو توعوعية أو تثقيفية، فالباب مفتوح أمامه لتحقيق ذلك في المكتبة. ويتابع الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود حديثه حول مكتبته مضيفًا: كم كانت تروادني أفكار كثيرة ومتعددة منها إنشاء مكتبة عامة أجمع فيها ما لدي من كتب ومجلدات في مكتبتين متوزعتين لكي أجعلها وقفًا وعلمًا ينتفع به لكل من يهوى القراءة والاطلاع؛ ولكني عندما أمعنت التفكير، وتعمقت في مستجدات التقنية وما هو سائد في هذه المرحلة الجديدة من ثقافات الحاسب الآلي والشبكة العنكبوتية (النت)، وشغف جميع شرائح المجتمع بالاطلاع على محتوياتها من مواقع إخبارية أو بحثية أو وسائل تواصل اجتماعي فقد هداني الله ووفقني أن أرجح تأسيس مشروع علمي تقني يحتوي بين جنباته مراجع علمية شرعية وتاريخية وعلوم عامة ومؤلفات تعالج الهموم الوطنية ومواضيع توعية، بالإضافة إلى مناهج التعليم العام منذ السنة الأولى الابتدائية وحتى نهاية المرحلة الثانوية، فضلًا عن وجود روابط كثيرة لمواقع علمية متميزة لمكتبات رائدة ومواقع مفيدة على شبكة النت وأقسام أخرى في هذا الموقع، أحسب إن شاء الله أنها ستكون مفيدة للقراء الكرام. ويمضي الأمير الدكتور فيصل في حديثه مضيفًا: إن من إيجابيات إنشاء مواقع علمية تقنية مثل هذه المكتبة الإلكترونية أنها ذات فائدة منقطة النظير؛ إذ لا حدود جغرافية أو زمانية تقف أمام الباحثين والقراء والمتصفحين للمعلومات التي تحتويها، مع أنني متيقن أن الكمال لله وحده وأنه لا بد من وجود بعض النواقص أو الأخطاء في تحميل المادة العلمية أو خلل تقني لا يخلو منه موقع كهذا يحتوي على مئات من الكتب والمعلومات المتنوعة التي استغرق جمعها ودمجها وإنزالها في الموقع لعدة أشهر لكي يكون شمعة مضيئة بالعلم النافع أحتسبه عند العليم الحكيم من العلم الذي ينتفع به بإذن الله تعالى. مختتمًا بقوله: أتمنى أن نكون أنا وزملائي الكرام الذين عملوا معي لأشهر طويلة قد وفقنا في تقديم عمل يستحق أن يشار له بالبنان، وأن يكون باكورة أعمال علمية وتقنية أخرى تفيد كل قارئ بلغة الضاد حاليًا وباللغات الأخرى بإذن الله مستقبلًا في مراحل لاحقة.. كما إنني أظن والله أعلم أن هذه المكتبة هي الأولى من نوعها على مستوى المملكة والعالم العربي والإسلامي (حسب علمي)، من حيث المحتوى العلمي وتنوع التخصصات وكل ما يهم الوطن وإن لم تكن كذلك، فنحن سعيدون أن ننضم لمن سبقنا بالفكرة ونسجل له مباركتنا وإعجابنا وتقديرنا ونفخر بكل منجز علمي يعود بالفائدة العلمية في زمن أصبح كل ممنوع مرغوب وكل ما هو مختلف مطلوب. وأكرر شكري لله الموفق المتفضل سبحانه أولًا وأخيرًا، ثم أثني بالشكر والتقدير لكل من ساهم معنا في تبني تنفيذ هذه الفكرة وترجمة الأحلام إلى أعمال على الواقع، وكم يسرنا جميعًا أن نتلقى كل نقد هادف أو تصويب أو طرح فكرة جديدة لتطوير هذا المشروع العلمي، وسوف أكون ممنونًا وشاكرًا لكل من يهدينا إضافة تضيف شيئًا لتطوير عملنا واجتهادنا الذي لا يخلو من النقص كما هي عادة كل عمل.