أعلن القاضي في المحكمة العامة بتبوك الشيخ ياسر البلوي في تصريح خاص ل»الرسالة» اعتزاله لمسيرة الأحكام البديلة، وقال: لقد انتهت مسيرتي التي امتدت لثماني سنوات أصدرت فيها الكثير من الأحكام البديلة كبديل عن عقوبة السجن، وأضاف أنه اتخذ هذا القرار بعد أن اتضح للجميع أهمية العقوبات البديلة وأشادوا بالتجربة، ولقد أشاد مجلس الوزراء بالتجربة وتبني مشروع البدائل في العقوبات، وتابع بعد 8 سنوات من المناداة بالإحكام البديلة وتطبيقاتها، تلقينا فيها السخرية والإخفاقات الكثيرة، صارت الآن مشروعًا مهما. وعرّف «الأحكام البديلة للسجون» بأنها مجموعة من الأحكام القضائية التي اهتم القضاة على تضمينها أحكامهم في غير «الحدود الشرعية» توسعاً في تقدير التعزيرات لتشمل عقوبات والزامات قضائية تربوية وشروطاً إصلاحية لإصلاح الفرد وزجره وتأديبه بدلاً عن حبسه، كالتوسع في العقوبات المالية وتقرير العقوبات بالخدمة الاجتماعية والأعمال التطوعية. وعن تبلور ما اصطلح على تسميته ب «بدائل السجون» قال: ظهر في الفقه الجنائي اتجاه توفيقي في شأن العقوبات السالبة للحرية، وخاصة قصيرة المدة منها، والتي تتصل بحالات الإجرام متوسط الخطورة، فلا يتجاوز إلى حد المناداة بإلغائها، ولا يبقي أسيراً لها فيقبلها بحالها دون ما تعديل. فهو اتجاه يعمل على التقليل بقدر الإمكان من مساوئ هذه العقوبة والتخفيف من أثارها الضارة. وهذا الفقه الجنائي الجديد رآه القضاة والقانونيون المسلمون في العالم فرصة جديدة من جولات إعمال الفقه الإسلامي في المدونات التشريعية العقابية العالمية، حيث دعوا إلى الاستفادة من الإرث التشريعي الإسلامي وضوابط الشريعة في مفهومها التأديبي والردعي. وأشار إلى أن السياسات العقابية العالمية توجهت لبدائل السجون نتيجة لما أظهرته الدراسات المسحية من سلبيات كثيرة ومتعدية لأكثر العقوبات انتشاراً وذيوعاً وهي السجن مما ولد قناعة لدى الجهات القضائية والجهات التنفيذية بالتفكير الجاد والواسع لبدائل السجن، وخاصة قصيرة المدة منها. وأكد البلوي في دراسته المعنونة ب «البدائل وشرعيتها في التشريع الإسلامي» على ما تميز به القضاء في الشريعة الإسلامية من حيث الصلاحية لكل زمان ومكان وما يتسم به من عناصر البقاء والحيوية والديمومة وقابليتها للتجديد والإبداع، وفي هذا الإطار قال: إن التشريع الإسلامي وحدة حقوقية كاملة، تبدأ من تنظيم علاقة الكائن الإنساني بذاته، وأسرته، ومجتمعه أفراداً وكياناً، وعلاقة دولة الإسلام بالعالم الذي يحيط بها، ثم علاقة الإنسان والدولة باللّه تعالى، وحدة مترابطة الأجزاء، مكتملة الجوانب، وهذه المنظومة لا تعطي نتاجها ولا تظهر فوائدها ولا تميزها إلا بالتطبيق الحي الصادق الشامل لمفردات تلك المنظومة كاملة.