ترامب: "داعش" في سوريا يواجه ردا انتقاميا قاسياً جداً    الفضة عند ذروة قياسية والذهب يحقق مكاسب أسبوعية    قفز السعودية .. جان فير ميرين بطلاً للشوط المؤهل لكأس العالم 2026    جمعية الإعاقة السمعية في جازان تشارك في مبادرة «في الإعاقة طاقة وتميز» بمحافظة بيش    الهلال يعلن غياب مالكوم عن التدريبات قبل مواجهة الشارقة    خادم الحرمين وولي العهد يهنئان ملك المغرب بمناسبة فوز منتخب بلاده بكأس العرب 2025    الرئيس السوري يشكر ترمب على رفع العقوبات عن سوريا    ضبط شخصين في عسير لترويجهما (4) كجم "قات"    ابتدائية منشبة بالدرب تحتفي باليوم العالمي للغة العربية    البرلمان العربي يشارك في الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية    ختام اللقاء العلمي ال21..تاريخ وحضارة الخرج عبر العصور    ارتفاع أسعار النفط بنحو 1%    جوارديولا يرفض التكهنات حول مستقبله    ضبط وافد يمني أثناء محاولته دخول المملكة بطريقة غير مشروعة    كتاب جدة يقيم ورشة لمهارات المقالة النقدية    الأمير سعود بن مشعل يزور «ونتر وندرلاند جدة»    تفاصيل رغبة مانشستر يونايتد في ضم روبن نيفيز    محترف الهلال خارج حسابات انزاغي    مُحافظ الطائف يستقبل وفدًا من أعضاء مجلس الشورى    «زاتكا» تُحبط تهريب 187 ألف حبة كبتاجون بمطار الملك عبدالعزيز    المعيقلي: ولاية الله أساس الطمأنينة والإيمان    الحذيفي: التقوى وحسن الخلق ميزان الكرامة عند الله    عسير في صدارة الوجهات السياحية الأسرع نموًا في الخليج العربي 2025    الين يتراجع بعد قرار المركزي الياباني برفع الفائدة    جامعة تبوك تحتفل بحصول جميع برامج البكالوريوس على ⁧‫الاعتماد البرامجي‬⁩ بنسبة 100%    لولا يؤكد أنه سيستخدم حق النقض ضد قانون يخفض فترة سجن بولسونارو    «دوائر النور»    قطرات للأنف لعلاج سرطان المخ    انتشار فيروس جدري القرود عالميًا    فيفا يصدر قراره في نتيجة مباراة المنتخبين السعودي والإماراتي بكأس العرب 2025        مهرجان الرياض للمسرح يتألق في ثالث أيامه بعروض مسرحية وحفل غنائي    مزادات الأراضي تشتعل بصراع كبار التجار    نابولي يثأر من ميلان ويتأهل لنهائي كأس السوبر الإيطالي بالسعودية    إستراتيجية واشنطن في لبنان وسوريا بين الضغط على إسرائيل وسلاح حزب الله    تخريج 335 كفاءة وطنية ضمن برامج التدريب بمدينة الملك سعود الطبية    "القوات الخاصة للأمن والحماية" نموذجٌ متكامل لحفظ الأمن وحماية مكتسبات التنمية    أمير منطقة جازان يستقبل القنصل الهندي    أمير جازان يستقبل الفائز بالمركز الأول في مهرجان الأفلام السينمائية الطلابية    جمعية أرفى تحصد فضية جائزة "نواة 2025" للتميز الصحي بالمنطقة الشرقية    أمير تبوك يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تعيد توطين طائر الجمل بعد غياب 100 عام    أمير الشرقية يكرّم داعمي جمعية «أفق» لتنمية وتأهيل الفتيات    أمير القصيم يواسي خالد بن صالح الدباسي في وفاة زوجته وابنتيه    نعمة الذرية    تصعيد عسكري في كردفان.. الجيش السوداني يستهدف مواقع ل«الدعم السريع»    سمو ولي العهد يعزّي ولي عهد دولة الكويت في وفاة الشيخ جابر مبارك صباح الناصر الصباح    أكد أنه امتداد لدعم القطاع الصناعي من ولي العهد.. الخريف: القرار يعزز التنمية الصناعية ويطور القدرات الوطنية    تصاعد الاستيطان الإسرائيلي يثير إدانات دولية.. واشنطن تؤكد رفض ضم الضفة الغربية    ضبط أحزمة ناسفة وصواريخ.. تفكيك خلية تابعة ل«داعش» في إدلب    في ذمة الله    البيطار يحتفل بزفاف مؤيد    حرقة القدم مؤشر على التهاب الأعصاب    علماء روس يطورون طريقة جديدة لتنقية المياه    تصعيد ميداني ومواقف دولية تحذر من الضم والاستيطان    أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشروعات التي تنفذها أمانة المنطقة    الهيئة العامة للنقل وجمعية الذوق العام تطلقان مبادرة "مشوارك صح"    «المطوف الرقمي».. خدمات ذكية لتيسير أداء المناسك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



“بَراري الحُمَّى”.. ما لم يوثِّقه نصرالله!
نشر في المدينة يوم 15 - 11 - 2011


قبل ما يناهز (35) سنة جاء (إبراهيم نصرالله) إلى القنفذة مُعلمًا، ونزل ببلدة (سبت شمران) بالعرضيتين –شرق محافظة القنفذة- ودرَّس في مدرستين ابتدائيتين مختلفتين، أمضى فيهما سنتين كانتا كفيلتين بتزاحم الأحداث السعيدة والمؤلمة في ذاكرته المغتربة، حاله حال المعلمين المتعاقدين كافة. ومع بدايات السنة الثانية لتواجده ب(سبت شمران) شرع في كتابة روايته (براري الحمى) التي استمرت في تشكُّلها قرابة (4) سنوات حتى اكتملت. براري الحمى تُرجِمت إلى عدة لغات، وحصد الراوي بسببها عدة جوائز، وكُتب عن خروجها عن المألوف الشيء الكثير، وأخص بالذكر ما كتبه اثنان من أبناء محافظة القنفذة هما الأديب المؤرخ (غازي الفقيه) والمؤرخ الباحث في تراث العرضيتين (عبدالله الرزقي). فقد أخذا على الراوي تصريحه ببعض الأسماء، وافتراءه على بعض الشخصيات، وسخريته من عادات وطبائع أهالي القنفذة والعرضيتين، وذكره لأمور لا يحسن ذكرها، ولا أعتقد أنها ستضيف بعدًا جماليًّا للرواية، علمًا أن تلك الأمور لا يخلو منها مجتمع على وجه الأرض مهما كانت قداسته. لن أقف طويلاً مع تلك المآخذ التي بيَّنها الزميلان وغيرهما، لكنني سأتطرق إلى جانب مهم أتت عليه الرواية، فالرواية شخَّصت ووثَّقَتْ كثيرًا الحالة الثقافية والصحية والمعيشية التي كانت عليها (العرضيتان) كون الراوي أقام وعمل بها. وأنا حينما أقول (وثَّقَتْ) فلكوني من أبناء العرضيتين ولا يفصلني عن مقر عمل الراوي إلا بضعة كيلومترات فقط، بل إن الراوي طوَّف على أماكن عدة في العرضيتين وأتى على مسميات لا يفصلني عنها إلا مئات الأمتار إضافة لما سبق فقد عشت طرفًا من تلك الحال التي وصفها الراوي. يقول (ص110-ط2-1992م-دار الشروق) واصفًا حال أهالي العرضيتين –وقتَها- «نساء، أطفال، شيوخ وفتيات بخصور ضامرة، ينخرهم السل، تجمعوا، ودار حديث متشابك لا يختلف كثيرًا عن وديان تهامة التي تبدأ من أعالي عسير وتمتد حتى قدمَي البحر الأحمر مشكِّلةً هذا العذاب اللاذع، هذا الجفاف الحارق، الذي لا يترك كائنًا حيًّا أو جمادًا إلا ويُلقي بظله عليه». أقول إن الحال (كانت) أشد ضَنَكًا مما وصف الراوي؛ فلا طرقات مسفلتة ولا مواصلات ولا وسائل اتصال ولا وسائل إعلام، إضافة لانتشار الأوبئة والأمراض. نعم تأخرت العرضيتان عن التنمية كثيرًا حالها حال بعض أخواتها لكنها كانت آخرهنَّ لحاقًا بالتنمية التي لم تأتِ إلا بعد أن مَر بها الطريق المسفلت -الذي ذكره الراوي- عام (1398ه) ثم بعد إطلاق التيار الكهربائي عام (1407ه). ومن يومها قفزت العرضيتان قفزات حضارية بفضل الله ثم بدعم الحكومة وبإصرار إنسان العرضيتين الذي أصبح له حضوره في الميادين العلمية والثقافية والفكرية والرياضية وغيرها. يُحمَد لرواية (براري الحمى) توثيقها لفترة زمنية (عصيبة) عاشتها العرضيتان قبل ما يربو على (30) سنة، ومن يعش أجواء الرواية ثم يقف على حال العرضيتين اليوم فسوف يُخيَّل إليه أنه قرأ رواية (خيالية) وليست (حقيقية)؛ نظرًا للفارق بين أمس العرضيتين المثقل بالمرض والتأخر في كل شيء، والعزلة شبه التامة عن الآخرين، وبين يومها الزاهي بالتقدم الحضاري والثقافي وتفوق أبنائها في المجالات كافة واتصالها وتفاعلها مع غيرها، ومع هذا لا تزال العرضيتان تحتاجان للكثير من الخدمات الصحية والمرافق التعليمية كالكليات الجامعية للبنين والبنات وغيرها من الخدمات الضرورية. الشيء الذي تجاهله إبراهيم نصر الله ولم يوثقه في روايته هو سلوكيات وطبائع بعض بني جنسه مع طلابهم ومع المجتمع البسيط، فالرواية بالإضافة لكونها توثيقًا للحالة المعيشية والثقافية والصحية التي كانت عليها العرضيتان، فقد تضمنت تصريحًا بأسماء بعض المواطنين والمواطنات في مقام السخرية والذم، وافتراء على بعض الشخصيات، وبما أن المعلمين من بني جنسه كان لهم حضورهم الطاغي –وقتَها- فدون أدنى شك أن لبعضهم سلوكيات وطبائع غير جيدة –يذكرها المجتمع جيِّدًا- تجاهل الراوي تسليط الضوء عليها أسوة بالمواطنين البسطاء، ولم يذكر مدى تفعيله لأدواره التربوية والتعليمية التي أُنيطت به، كما أنه لم يعرِّج على النواحي الإيجابية لإنسان القنفذة والعرضيتين كالوفاء والطيبة والتقدير الكبير للوافد والكرم الذي لا أشك في أن الراوي (تقلَّب فيه كثيرًا)، وهذا بلا شك مما يُضعف الرواية. ومع هذا (وللحق) فقد مَر على القنفذة والعرضيتين نماذج رائعة لمعلمين من بني جنسه ومنهم –على سبيل المثال- أبوجهاد (خليل الوزير) والدكتور مسعد زياد صاحب موقع اللغة العربية وأحمد شمُّوط رئيس قسم الطباعة بوزارة المعارف سابقًا وغيرهم. عمومًا فرواية براري الحمى وثقت -في جانب- منها لفترة عصيبة مرَّت بها القنفذة والعرضيتان، ولو أنها لم تَذُم وتفترِ وتتطرق لبعض الأمور لحظيت بالرضا والقبول. بقي لي تساؤل عن الفرق بين الرواية والسيرة الذاتية؟ وهل يصح أن تكون السيرة الذاتية رواية؟ إن كانت لا تصح فكيف أصبحت سيرة (نصر الله) روايةً وهي التي لا تمتُّ للخيال بِصلة؛ كون الأماكن والشخصيات فيها حقيقية؟

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.