فجعت المملكة قبل عدة أيام في فقد أحد أبرز رموزها، وأشهر قادتها العظام وهو صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز – رحمه الله - الذي جاهد وساهم بكل جد واقتدار في إدارة دفة هذه البلاد ورفعة شأنها نحو مصاف الدول المتقدمة، وقادها نحو التقدم والرقي بزعامة إخوانه الملوك الكرام - غفر الله لهم جميعا-. وكان رحمه الله عضدا مناصرا وسندا قويا لإخوانه الملوك من أبناء مؤسس هذه الدولة الملك عبد العزيز- رحمه الله -، فكان قائدا محنكا، وإداريا ناجحا، وليا للعهد ووزيرا للدفاع والطيران لكل قطاعاتها، نهض بالقوات المسلحة بمختلف فروعها وتشكيلاتها، فثقف رجالاتها، وجدد قطاعاتها، وطور أساليبها القتالية، وأدخل التقنية الحديثة لجميع منشآتها، حتى أصبحت تضاهي الجيوش المتقدمة، صناعة، وتدريبا، وتطويرا في العدة والعتاد، كما اهتم - رحمه الله - بصحة الأفراد والمواطنين، فأنشأ مستشفيات القوات المسلحة (الثابتة، والمتنقلة، والطائرة)، فوظف فيها أبرز الأطباء من ذوي المهارات العالية، وجهزها بأحدث الأجهزة، حتى أصبحت مفخرة على المستويات المحلية، والإقليمية، والدولية، وصار يقصدها قادة العالم من الرؤساء والملوك من أجل الحصول على خدمات طبية متكاملة ومتقدمة قلما يوجد لها مثيل في كثير من دول العالم. وللأمير سلطان – رحمه الله – إسهامات عديدة ومآثر كثيرة لا يمكن حصرها في مقال محدود الأسطر، أو أن تحصر كل هذه المزايا التي حظي بها سموه في عجالة، ولكن لعلنا نوجز بعضا من هذه الخصال الحميدة التي اشتهر بها سموه وتميز بها عن أقرانه، حتى ذاع صيته في الآفاق، ومن هذه المزايا «الكرم» وهو البذل والعطاء في أوجه الخير المختلفة ، فقد عُرف عنه - رحمه الله - الكرم والإحسان للآخرين بدون منّ أو أذى، كما عُرف عنه العطاء بنفس راضية بشوشة تعبر عنها أسارير وجهه، وهو في ابتسامة دائمة تعبر عنها مكنونات نفسه المجبولة على حب الخير للآخرين. الكرم ميزة ونعمة من الله يؤكدها قول الله سبحانه وتعالى « الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منّا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون» (البقرة 262). وقوله صلى الله عليه وسلم « اليد العليا خير من اليد السفلى» والله سبحانه وتعالى هو الكريم, وهو أكرم الأكرمين, وأجود الأجودين, وحريّ بالكريم الجواد أن يُكرم عبده الكريم. نسأل الله العلي القدير أن يعفو ويصفح عن هذا الرجل الكريم، صاحب الأيادي البيضاء، وأن ينعم عليه بمنّه وكرمه ويدخله جنّات النعيم، وأن يلهم أهله وأبناءه ومحبيه الصبر والسلوان، «إنا لله وإنا إليه راجعون».