«سلطان».. يا ابن عبدالعزيز لم تكن في حياتنا عابرًا كما الآخرين.. بل توسدت القلوب.. وسكنت الأحداق.. وتربّعت الصدور. لم تكن غريبًا.. فقد عرفناك من أفواه الثكالى وفي عيون اليتامى ونداءات المحتاجين.. رأيناك في شفاه الطفل المعاق وهو يناديك: «بابا سلطان أبغي أمشي».. فترد النفس الكبيرة: «ستمشي بإذن الله». لم تكن يا فخر الرجال بعيدًا عنّا.. بل كنت عطر المساكن.. وشذى الحياة.. وعبير الأماكن.. كيف لا والطفل ببراءة الطفولة وطهر البدايات يقول لك: «أنا أحبك».. فيجيب الصدق: «وأنا أحبك أكثر»..؟؟ لم تكن كريمًا فحسب.. بل كنت «أنت» الكرم كله.. ولم تكن معطاءً.. بل كنت العطاء بأكمله.. ولم ترَ المروءة ندًا لك.. ولم تعرف الشهامة مثلك. الأماكن بعدك موحشة.. والطرقات في غيابك مقفرة.. والمساكن بفقدك خاوية.. أي شادٍ يغرد في أحيائنا بعدك..؟؟ وأي نغم في غيابك يشجي..؟؟ الفرح يا زينة الرجال غاب في أحيائنا حين غبت. العز كنا نرجوه في ظلك.. والمجد نرتجيه في أكنافك.. والفخر كنا نلتمسه في معطفك.. فالعز أيها «الأمير» أنت بداية ونهاية.. والشموخ أنت أولاً وختامًا. في أفراحنا كنت المحفز.. وفي حاجتنا كنت المعين.. وفي أحزاننا كنت الطبيب.. كنت «أنت» النور تضيء عتمة ليالينا.. وكنت الضوء في حالك أيامنا. أحببناك فأحببتنا أكثر.. وأسكناك نفوسنا فأسكنتنا روحك. «سلطان».. أيها الأمير.. الوطن بأهله.. شيوخه وشبابه.. نساؤه وأطفاله.. لفراقك يبكون.. والوطن من أقصاه إلى أقصاه.. بسمائه وأرضه.. بترابه ومائه.. بشجره وحجره.. بجباله ووديانه.. بهوائه وخزامه يئنون لفقدك. يا «أمير».. حزانى نحن بفقدك.. ويتامى في بعدك.. ففراقك علينا عسير....