شكلت إطاحة العاهل الأردني برئيس حكومته معروف البخيت ارتياحًا عامًا في البلاد التي انتظمها حراك شعبي يطالب برحيل الحكومة منذ آذار الماضي شمل كافة مناطق المملكة احتجاجًا على السياسات الحكومية التي دفعت باقتصاد البلاد إلى مرحلة صعبة. ورغم الضغط الشعبي إلا أن العاهل الأردني منح البخيت فرصة إضافية لتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للأردنيين إلا أن الحراك الشعبي ارتفعت وتيرته عندما عجزت الحكومة عن تقديم أي حلول واقعية على الأرض. وحاولت حكومة البخيت اشغال المواطنين بالانتخابات البلدية فأعلن فصل مناطق حيوية عن العاصمة حتى باتت كل قرية تطالب بالانفصال عن الأخرى وسط تصعيد لافت وتحدٍّ كبير للحكومة عبر عنه بمظاهر مسلحة وإغلاق الطرق الدولية الحساسة. ورضخ البخيت لكل قرية تغلق أحد الشوارع أو يعتصم سكانها وبات يقرر فصلها، الأمر الذي حول الأردن إلى غابة من الاعتصامات حتى وصل الأمر إلى شل الحياة العامة في البلاد إضافة لرفض قرارات الحكومة واعتبارها لم تكن. ورفض البخيت الاستجابة لمطالب أمنية عليا بوقف سياسة الفصل وظل مصرًّا على سياسته إلى أن وصل الأمر إلى العشائر المساندة للحكومة والتي أغلقت شارع المطار والطريق الصحراوي وأنزلت عشرات المسلحين إلى الشوارع منتقدة تجاهل الحكومة لها. حالة الاحتقان بلغت درجة كبيرة والقصر الملكي يراقب تصرفات البخيت إلى أن بلغ الأمر خطورته عندما تعرض المعارض الأبرز ليث شبيلات للاعتداء من قبل أنصار حكومة البخيت وهو المعارض الذي وفر له العاهل الأردني حماية شخصية وبعدها بيوم تعرض أنصار الحكومة للشخصية الوطنية الهامة رئيس الوزارء الأسبق أحمد عبيدات بالاعتداء والضرب وتكسير سيارته بطريقة أثارت الكثير من التذمر بسبب الصمت الحكومي والأمني. وعلى ضوء ذلك عقد مجلس الأمن القومي اجتماعًا طارئًا لبحث ما يجري فدافع مدير المخابرات السابق محمد الرقاد عن حكومة البخيت وكانت التقارير في هذه الأثناء تصل العاهل الأردني وتشير إلى خطورة الوضع وتصرفات الحكومة. وبعد اجتماع مجلس الأمن القومي، وقراءة الملك لمحضر الاجتماع قرر الاستماع بنفسه للناس بعيدًا عن الرسميات وصدر أمره بالإطاحة برئيس الوزراء ومدير المخابرات محمد الرقاد. وعلى الفور طلب القصر الملكي من السفير الأردني في المغرب فيصل الشوابكة العودة إلى عمان لأمر هام فيما استمزج الملك القاضي الدولي عون الخصاونة لتولي الحكومة. وقبل تكليف الخصاونة بتشكيل الحكومة كانت شخصيات كبيرة تجوب شوارع العاصمة في مسيرة قادها عبيدات ضده، وهو الأمر الذي أقلق السلطات فالشخصيات التي انضمت إلى المسيرة كانت على الدوام رجال الحكم في المملكة. وأعلن العاهل الأردني بعد ذلك إقالة حكومة البخيت وإقالة مدير المخابرات وعين اللواء الشوبكي مديرًا لجهاز المخابرات وكلف الخصاونة بتشكيل الحكومة. ومنح الملك سلطة واسعة للخصاونة في إدارة شؤون البلاد غير أن الخصاونة طلب من العاهل الأردني منحه حرية إجراء التعديلات اللازمة على بعض القوانين، إضافة لإعادة النظر في بعض التعديلات الدستورية وإصدار قانون انتخاب عصري وإعادة النظر في موضوع البلديات التي مزقتها الحكومة السابقة وكانت أن تقود البلاد إلى حالة من الانفلات.