ودّعت المملكة رجلًا من أبرز رجالها، وقائدًا من خيرة قادتها، ودّعت سلطان بن عبدالعزيز، سلطان الخير والمروءة والكرم، سلطان المحبة والبر والمعروف، سلطان الابتسامة الدائمة والصدق والوفاء. لقد صدق أحد الفلاسفة عندما قال: «إن موت أحدهم يجعلك تعيش في جنازة دائمة»، فشعور الكثير باليُتم لوفاة هذه القامة الشامخة والمبرة الإنسانية المتصلة يجعلنا نعيش فقدانه لسنوات وسنوات. سوف تفتقده الأرامل اللاتي كان يعطف عليهن دائمًا، والأيتام الذين كان يواسيهم باستمرار. سوف تفتقده أمته لفترة طويلة كزعيم وقائد وحكيم. لقد كان -يرحمه الله- عنوانًا للحكمة، ومثالًا للشهامة، ورمزًا للمروءة، فما تقلَّد منصبًا إلا وبرز فيه، وما تولَّى مهمة إلا أدَّاها كما يكون الأداء. كان عميقًا في تفكيره، ورائدًا في قيادته، فترك مدرسة واضحة المعالم وصادقة التوجهات؛ في التعامل والإصرار على الالتزام بالحق والعدل والمساواة. أنا كغيري من محبيه، وما أكثرهم، الذين شعروا بفقده يجدون صعوبة في التعبير عن مشاعرهم نحو فقده، فخسارته لا تعوّض. نسأل الله العلي القدير أن يشمله برحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، والعزاء مرفوع إلى مقام خادم الحرمين الشريفين وإخوانه الأعزاء، كما أننا نسأل الله أن يعوّض أهله وذويه والأمة والإنسانية جمعاء خيرًا فيه و(إنا لله وإنا إليه راجعون).. والحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه.